عنوان الكتاب: دروس البلاغة

على خلاف مراد قائله، كقول القبعثري للحجّاج، وقد توعّده بقوله لأحملنّك على الأدهم: ½مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب¼، فقال له الحجّاج: ½أردت الحديد¼، فقال القبعثري: ½لَأن يكون حديداً خيرٌ من أن يكون بليداً¼، أراد الحجّاج بالأدهم القيد، وبالحديد المعدن المخصوص، وحملَهما القبعثري على الفرس الأدهم الذي ليس بليداً.

المتكلّم كلام المخاطب على خلاف مراد قائله الذي هو ذلك المخاطب كقول القبعثري للحجّاج، وقد توعّده بقوله لأحملنّك على الأدهم ووجه توعّد الحجّاج القبعثري بهذا القول على ما قيل: أنّ القبعثري كان جالساً في بستان مع جماعة من إخوانه في زمن الحصرم، أي: العِنَب الأخضر، فذكر بعضهم الحجّاج، فقال القبعثري: ½اللّهم سود وجهه، واقطع عنقه، واسقني من دمه¼، فبلغ ذلك الحجّاج، فقال له: ½أنت قلت ذلك؟¼ فقال: ½نعم، ولكن أردت العِنَب الحصرم؛ بأنّ المراد بتسويد وجهه استوائه، وبقطع عنقه قطفه، وبدمه الخمر المتّخذ منه¼، فقال له الحجّاج هذا القول متوعّداً إياه، فقال القبعثري: ½مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب¼، فقال له الحجّاج وَيْلَكَ ½أردت الحديد¼، فقال القبعثري: ½لأن يكون حديداً خيرٌ من أن يكون بليداً¼ فتلقّي القبعثري الحجّاج بهذا القول بغير ما يترّقبه، وحمل كلامه على خلاف مراده إذ أراد الحجّاج بالأدهم القيد، وبالحديد المعدن المخصوص المعروف وحملها القبعثري أي: الأدهم على الفرس الأدهم الذي غلب سواده، و أكّد كذلك الحمل بضمّ الأشهب إليه، وهو الفرس الذي غلب بياضه، والحديد على الفرس ذي الحدّة فكان المجموع محمولاً على الفرس الأدهم الذي ليس بليداً تنبيهاً على أنّ حمل الكلام على هذا المعنى هو الأولى بأن ï


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

239