عنوان الكتاب: دروس البلاغة

والتعقيد: أن يكون الكلام خفيّ الدلالة على المعنى المراد، والخفاء إمّا من جهة اللفظ بسبب تقديم، أو تأخير، أو فصل، ويسمّى: ½تعقيداً لفظيًّا¼، كقول المتنبّي:

جَفَخَتْ وَهُمْ لاَ يَجْفَخُوْنَ بِهَا بِهِمْ

 

شِيَمٌ عَلَى الْحَسَبِ الأَغَرِّ دَلاَئِلُ
[[

 

﴿ ٱعۡدِلُواْ هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ [المائدة: ٨]، فإنّ الضمير عائد إلی العدل الذي يقتضيه ويتضمّنه ½اعدلوا¼، وظاهر أنّه لَم يتقدّم في البيت ذكر لفظ المرجع ولا ذكر ما يقتضي معناه، وأمَّا الرابع فلأنّ معنی الذكر حكماً، أن لا يتقدّم ما يدلّ علی معناه، ولا يتقدّم لفظه صريحاً أوتقديراً، ولكن يوجد نكتة تقتضي الإضمار قبل الذكر، فيجعل المرجع بوجود هذه النكتة متقدّماً حكماً، كما يجعل المحذوف لنكتة كالثابت، كما في قوله تعالی: ﴿ قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: ١]، فإنّه جعل مرجع الضمير وهو الشأن من قبيل المذكور حكماً لنكتة الإجمال والتفصيل؛ ليتمكّن في ذهن السامع، ومن البيّن أنّه لَم يوجد في البيت نكتة لإيراد الضمير قبل الذكر، فكان تأليفه مُخالِفاً للقانون النحويّ المشهور من كون المرجع مذكوراً بأحد الوجوه الأربعة المذكورة، فكان ضعيفاً مُخِلاًّ بالفصاحة، وإن كان ذلك مِمَّا جوّزه بعضهم كـ½الأَخْفَش¼ و½ابن جِنِّي¼ والتعقيد أن يكون الكلام خفيّ الدلالة على المعنى المراد للمتكلّم، وإن كان ظاهر الدلالة علی معناه الموضوع له بخلاف الغرابة؛ فإنّها عبارة عن كون الكلام خفيّ الدلالة علی المعنی الموضوع له، كما سبق والخفاء أي: وخفاء المراد يكون لخلل واقع إمّا من جهة اللفظ بسبب تقديم، أو تأخير، أو فصل أو غيرِ ذلك مِمّا يوجِب صُعوبةَ فهم المراد ويسمّى هذا التعقيد الذي أوجبه خلل من جهة اللفظ والتركيب لذلك الكلام تعقيداً لفظيًّا وذلك كقول المتنبّي:

جَفَخَتْ وَهُمْ لاَ يَجْفَخُوْنَ بِهَا بِهِمْ
[[

 

شِيَمٌ عَلَى الْحَسَبِ الأَغَرِّ دَلاَئِلُ
[[


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

239