عنوان الكتاب: دروس البلاغة

فإنّ تقديره: ½جفخت بهم شيم دلائل على الحسب الأغرّ وهم لا يجفخون بها¼.

وإمّا من جهة المعنى بسبب استعمال مجازات وكنايات، لا يفهم المراد بها، ويسمّى ½تعقيداً معنويًّا¼، نحو قولك: ½نشر الملك ألسنته في المدينة¼، مريداً جواسيسه، والصواب نشر عيونه، وقولِه:

سَأَطْلُبُ بُعْدَ الدَّارِ عَنْكُمْ لِتَقْرُبُوْا
.

 

وَتَسْكُبُ عَيْنَايَ الدُّمُوْعَ لِتَجْمُدَا
[[

 

الجفخ: الفخر، والشيم: جمع شيمة، وهي الخليقه، والأغرّ: الأبيض الواضح، ففيه من التقديم والتأخير ما خفي به الدلالة علی المراد فإنّ تقديره: ½جفخت بهم شيم دلائل على الحسب الأغرّ وهم لا يجفخون بها¼ فهاهنا وقع التعقيد وخفاء المراد لخلل من جهة اللفظ بسبب التقديم والتأخير والفصل وإمّا من جهة المعنى عطف علی قوله: ½إمّا من جهة اللفظ¼، أي: يكون الخفاء لخلل واقع إمّا من جهة اللفظ، وإمّا من جهة المعنی بسبب استعمال مجازات وكنايات، لا يفهم المراد بها لخفاء القرائن الدالّة علی المراد بها.......... ويسمّى هذا التعقيد تعقيداً معنويًّا، نحو قولك: ½نشر الملك ألسنته في المدينة¼، مريداً بألسنته جواسيسَه، والصواب نشر عيونه فإنّ العين لكونها اسماً للجزء الذي له مزيد اختصاص بالشخص الجاسوس بحيث يتوقّف تحقّقه بوصف كونه جاسوساً عليه؛ إذ لولاه انتفت عنه الجاسوسيّة، تستعمل مجازاً في الجاسوس بخلاف اللسان؛ فإنّه وإن كان جزأً منه، لكن ليس له مزيد اختصاص بكونه جاسوساً، فلا يصحّ إطلاقه عليه؛ لأنّه لا يصحّ إطلاق اسم كلّ جزء علی الكلّ مجازاً، وإنّما يطلق اسم الجزء الذي له مزيد اختصاص بتحقّق ما صار به الكلّ حاصلاً بوصفه الخاصّ وقوله:

سَأَطْلُبُ بُعْدَ الدَّارِ عَنْكُمْ لِتَقْرُبُوْا
.

 

وَتَسْكُبُ عَيْنَايَ الدُّمُوْعَ لِتَجْمُدَا
[[


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

239