عنوان الكتاب: دروس البلاغة

٢ وكمالِ العناية به، نحو:

هَذَا الَذِيْ تَعْرِفُ البَطْحَاءُ وَطْأَتَهُ
.

 

وَالبَيْتُ يَعْرِفُهُ وَالْحِلُّ وَالْحَرَمُ
[[

٣ وبيانِ حاله في القرب والبعد، نحو: ½هذا يوسف¼، و½ذاك أخوه¼، و½ذلك غلامه¼.

الأَوْهَامَ حَائِرَةً أي: متحيّرة؛ إذ لَم تفهم السرّ في ذلك وَصَيَّرَ العَالِمَ النِحْرِيْرَ أي: المتقن للعلوم من: نحر العلوم أتقنها زِنْدِيْقاً أي: كافراً نافياً للصانع الحكيم، فالحكم البديع الذي اختصّ به المشار إليه، هو تصيير المشار إليه الأوهامَ حائرةً والعالِمَ النحريرَ زنديقاً، وإنّما أظهر اسم الإشارة هاهنا للاستغراب؛ لأنّ الإشارة به في الأصل إلى محسوس، ففي التعبير به عن الأمر المعقول، وهو كون العاقل محروماً والجاهل مرزوقاً، إظهاره في صورة المحسوس، فكأنّه يقول: ½هذا المتعيّن الذي صاركالمحسوس هو المختصّ بهذا الحكم البديع العجيب وهذا أمر مستغرب جدًّا¼، ٢ وكمال العناية به أي: بمعنى اسم الإشارة المعبّر عنه به وبتمييزه، وتلك العناية والاهتمام إمّا للتعظيم أو الإهانة حسب ما يرد عليه من صفة مدح

أو ذمّ على وجه لا يتطرّق إلى عظمته أو ذلّته التباس أصلاً نحو قول الفرزدق في مدح الإمام زين العابدين رضي الله تعالى عنه وتعظيمه:

هَذَا الَذِيْ تَعْرِفُ البَطْحَاءُ وَطْأَتَهُ
.

 

وَالبَيْتُ يَعْرِفُهُ وَالْحِلُّ وَالْحَرَمُ
[[

أي: هذا الممدوح الممتاز عمّا عداه الذي تراه رأيَ العين اختصّ بحكم لا يشترك فيه غيره، وهو كونه في الفضائل بحيث يعرفه ما ليس له روح وعقل، فضلاً عن ذوي العقول ٣ وبيان حاله أي: حال معناه في القرب والبعد ولم يذكر التوسّط؛ لأنّ المراد بالقرب هاهنا مقابل البُعد، فيشمل التوسّط أيضاً نحو: ½هذا يوسف¼ في بيان حاله من القرب الحقيقيّ و½ذاك أخوه¼ في بيان حاله من التوسّط الذي هو القرب الإضافيّ أي: بالنسبة إلى البعد و½ذلك غلامه¼ في بيان حاله من البعد


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

239