عنوان الكتاب: دروس البلاغة

٤ والتعظيمِ، نحو: ﴿ إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ أَقۡوَمُ ﴾ [بني إسرائيل: ٩]، و﴿ ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ﴾ [البقرة: ٢].

٥ والتحقيرِ، نحو: ﴿ أَهَٰذَا ٱلَّذِي يَذۡكُرُ ءَالِهَتَكُمۡ﴾ [الأنبياء: ٣٦]، ﴿ فَذَٰلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلۡيَتِيمَ ﴾ [الماعون: ٢].

٤ والتعظيم أي: تعظيم معناه بسبب دلالته على القرب أو البعد؛ أمّا الأوّل فلأنّ عظمة الشيء يقتضي التوجّه إليه والتقرّب منه نحو: ﴿ إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ أَقۡوَمُ فقد أورد هاهنا اسم الإشارة الموضوع للقرب قصداً لتعظيم القرآن، وإشعاراً بأنّه مع قربه قد بلغ في كماله بحيث لا يكتنه ولا يدرك إلاّ بالإشارة، وأمّا الثاني فوجه ذلك؛ أنّ البعيد مسافة لكونه لا ينال بالأيدي شأنه العظمة، فنـزّل أعظم المشار إليه، وشرف منـزلته بمنـزلة بعد المسافة، ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ أي: ذلك الرفيعُ المنـزلةِ في البلاغة، العزيزُ المرتبةِ في علومه وأسلوبه، وهو الكتاب الكامل الذي يستحقّ أن يسمّى كتاباً حتّى كأنّه لا كتاب سواه ٥ والتحقير يعني: أنّ اسم الإشارة كما يؤتى به بسبب دلالته على القرب والبعد لقصد تعظيم المشار إليه بالوجه الذي ذكر، كذلك قد يؤتى به بسبب هذه الدلالة لقصد تحقيره، فيحمل القربُ على دنوّ المرتبة وسفالة الدرجة، والبعدُ على البعد عن ساحة غرّ الحضور والخطاب نحو قول الكَفَرَةِ مشيراً للنبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلّم ﴿أَهَٰذَا ٱلَّذِي يَذۡكُرُ ءَالِهَتَكُمۡ فمقصودهم لعنة الله عليهم بإيراد اسم الإشارة المفهم للقرب تحقير شأنه صلى الله عليه وسلم، كأنّهم يقولون: ½أهذا الحقير الذي يذكر آلهتكم بنفي الألوهية عنها¼، ونحو: ﴿فَذَٰلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلۡيَتِيمَ أي: فذلك الحقير البعيد لحقارته عن غرّ الخطاب والحضرة يدعّ اليتيم، فقد عبّر باسم الإشارة الموضوع للبعد قصداً 


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

239