ولعلّ مراد ابن الشلبي أن يصرّح أحد من المشايخ بالفتوى على قول غير الإمام مع عدم مخالفة الباقين له صراحةً ولا دلالةً كاقتصارهم على قول الإمام أو تقديمه، أو تأخير دليله، أو الجواب عن دلائل غيره، إلى غير ذلك مما يعلم أنّهم يرجّحون قول الإمام كما أشار ابن الشلبي إلى التصحيح دلالةً، وح لا بدّ أن يظهر منهم مَخَايِل وفاقهم لذلك المفتي، فيدخل في صورة الثنيا.
هذا في جانب الشامي، وأمّا جانب البحر فرأيتني كتبتُ فيما علّقت على ردّ المحتار في كتاب القضاء ما نصّه[1]:
(أقول: محل الكلام البحر حيث وجد الترجيح من أئمته في جانب الإمام أيضاً كما في مسألتَي العصر والعشاء وإن وجد آكد ألفاظه وهو الفتوى من المشايخ في جانب الصاحبَين، وليس يريد أنّ المشايخ وإن أجمعوا على ترجيح قولهما لا يعبؤ به، ويجب علينا الإفتاء بقول الإمام، فإنّ هذا لا يقول به أحدٌ ممن له مساس بالفقه، فكيف بهذا العلاّمة البحر! ولن ترى أبداً إجماع الأئمة على ترجيح قول غيره إلاّ لتبدّل مصلحة باختلاف الزمان، وح لا يجوز لنا مخالفة المشايخ؛ (لأنّها إذن مخالفة الإمام عيناً كما علمت)، وأمّا إذا اختلف الترجيح فرجحان قول الإمام؛ لأنّه قول الإمام أرجح من رجحان قول غيره لِأرجحيّة لفظ الإفتاء به (أو أكثريّة المائلين إلى ترجيحه) فهذا ما يريده العلاّمة صاحب البحر، وبه يسقط إيراد العلاّمتين الرملي والشامي) اﻫ، ما كتبت مع زيادات منّي الآن ما بين الأهلة.