[قال الإمام أحمد رضا رحمه الله في الفتاوى الرضويّة:]
فأقول: لا يفيد ما قصده من قصر الحكم على كراهة التنزيه مطلقاً ما لم يعتقد خلاف السنّة، كَيْف؟ ولو كان ترك الإسراف سنّةً مؤكّدةً كما يقوله النهر[1] كان تعوّده مكروهاً تحريماً ووقوعه أحياناً تنزيهاً، والحديث حاكم على مَن زاد مطلقاً، أي: ولو مرّةً بأنّه ظالم، فلزم تأويله بما يجعل الزيادة ممنوعةً مطلقاً فحملوه على ذلك، فمَن زاد أو نقص مرّةً ولم يعتقد لم يلحقه الوعيد، ألاَ ترى! أنّهم هم الناصّون بأنّ مَن غسل الأعضاء مرّةً إن اعتاد أثم، كما قدّمناه عن الدرّ[2]، ومعناه عن الخلاصة[3]، وقد صرّح به في الحلبة[4] وغير ما كتاب، ثمّ العجب أنّي رأيتُ العلاّمة نفسه قد صرّح بهذا في سنن الوضوء، فقال[5]: (لا يخفى أنّ التثليث حيث كان سنّةً مؤكّدة، وأصرّ على تركه يأثم وإنْ كان يعتقده سنّةً، وأمّا حملهم الوعيد في الحديث على عدم رؤية الثلاث سنّةً كما يأتي فذلك في الترك ولو مرّةً بدليل ما قلنا). قال[6]: (وبه اندفع ما في البحر: من ترجيح القول بعدم الإثْم لو اقتصر على مرّةٍ بأنّه لو أثم بنفس الترك لما احتيج إلى هذا الحمل اﻫ. وأقرّه
[1] ٠النهر٠، كتاب الطهارة، ١/٤٩-٥٠، ملخصاً.
[2] انظر ٠الفتاوى الرضوية٠، كتاب الطهارة، باب المياه، ١/٦٨١. [الجزء الثاني, صـ٩١٥].
[3] انظر المرجع السابق, ١/٦٨١-٦٨٢. [الجزء الثاني, صـ٩١٦].
[4] ٠الحلبة٠، الطهارة الكبرى، ١/١٦٤-١٦٥.
[5] انظر ٠ردّ المحتار٠، كتاب الطهارة، ١/٣٩٦، تحت قول ٠الدرّ٠: إن اعتاده أثم.
[6] انظر المرجع السابق.