وكلٌّ منها على تسعة أقسامٍ كما قدّمتُ، فهي سبعة وعشرون قسماً، لا يُثبت الافتراض منها إلاّ واحدٌ وهو يقينيّ الثبوت والإثبات مع الطلب الجازم، وثلاثةٌ تفيد الوجوبَ وهو ظنيّ الثبوت أو الإثبات أو كلَيهما مع الطلب الجازم في الكلّ، وأربعةٌ تفيد الاستنان، وهي نظائر ما تفيد الفرضيّة والوجوب في الثبوت والإثبات بيد أنّ الطلب فيها مؤكّد غير جازمٍ، والبواقي وهي تسعة عشر تفيد الندب وهي التي في أحد طرفَيها شكٌّ ولو الطلب جازماً، أو كان الطلب فيها طلب ترغيبٍ مجرّدٍ ولو قطعي الطرفَين، وقس على هذا في جانب الكفّ الحرام والمكروه تحريماً وتنزيهاً وخلاف الأولى، ولا تذهلَنّ عن مقام الاحتياط، والله الهادي إلى سواء الصراط، هذا هو التحقيق الساطع اللامع النور، فاحفظه فلعلّك لا تجده في غير هذه السطور[1].
[٣٤] قوله: [2] لم يتدارك لم يقطر على
[1] ٠الفتاوى الرضوية٠، كتاب الطهارة، ١/١٩١-١٩٨. [الجزء الأول, صـ٢٥٣-٢٦٣].
[2] في المتن والشرح: (أركان الوضوء أربعة، غسل الوجه) أي: إسالة الماء مع التقاطر ولو قطرة.
وفي ٠ردّ المحتار٠: (قوله: أي: إسالة الماء... إلخ) قال في ٠البحر٠: واختلف في معناه الشرعي، فقال أبو حنيفة ومحمد: هو الإسالة مع التقاطر ولو قطرة حتى لو لم يسل الماء -بأن استعمله استعمال الدهن- لم يجز في ظاهر الرواية، وكذا لو توضّأ بالثلج ولم يقطر منه شيء لم يجز. وعن أبي يوسف: هو مجرّد بلّ المحلّ بالماء سال أو لم يسل اﻫ. واعلم أنّه صرّح كغيره بذكر التقاطر مع الإسالة وإن كان حدّ الإسالة أن يتقاطر الماء للتأكيد وزيادة التنبيه على الاحتراز عن هذه الرواية على أنّه ذكر في ٠الحلبة٠ عن ٠الذخيرة٠ وغيرها: أنّه قيل في تأويل هذه الرواية: إنّه سال من العضو قطرة أو قطرتان ولم يتدارك اﻫ. والظّاهر: أنّ معنى ٠لم يتدارك٠ لم يقطر على الفور، بأن قطر بعد مهلة، فعلى هذا يكون ذكر السيلان المصاحب للتقاطر احترازاً عمّا لا يتدارك، فافهم.