عنوان الكتاب: جد الممتار على رد المحتار (المجلد الأول)

الحلبة[1] عن الذخيرة[2]: (أنّه سال من العضو قطرة أو قطرتان ولم يتدارك)، کيف! ولو لا ذلک لَکان هذا  والعياذ بالله تعالی  إنکاراً للنصّ وتبديلاً للشّرع، فإنّ الله تعالی أمر بالغَسل وهذا ليس بغَسل لا لغةً ولا عرفاً، وقد قال في البحر[3] نفسه: (الغَسل بفتح الغين إزالة الوسخ عن الشيء، ونحوه بإجراء الماء عليه لغةً) اﻫ. وهل الإجراء إلاّ الإسالة، وقد فرّق المولی سبحانه وتعالی بين الأعضاء، فجعل وظيفة بعضها الغَسلَ وبعضها المسحَ، وعلى هذا التقدير ترجع جميعاً إلى المسح، فإنّه إذا لم يسل الماء لم يکن إلاّ إصابة بلَلٍ وهو المسح.

أقول: فما کان ينبغي لمثل هذا المحقّق البحر أن يجعله مختلفاً فيه کي يجترئ عليه الجاهلون کما نشاهد الآن من کثير منهم أنّه لا يزيد في جبهته وعارضَيه وغيرها علی إصابة يد مبتلّة من دون سيلان ولا تقاطر أصلاً، وإذا أخبر أن قد بقي لمعة مثلاً في مرفقه أو أخمصه أو عقبه أمرّ عليه يده الباقي فيها بلل الماء من دون أن يأخذ ماءً جديداً فضلاً عن الإسالة، فإلی الله المشتکی، ولاحول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم.[4]


 



([1]) ٠الحلبة٠، كتاب الطهارة، فرائض الوضوء، ١/٥٨. 

([2]) ٠ذخيرة الفتاوى٠ = ٠الذخيرة البرهانيّة٠: لأبي المعالي محمود بن أحمد بن عبد العزيز برهان الدين (ت٦١٦ﻫ)، اختصرها من كتابه ٠المحيط٠.

(٠كشف الظنون٠، ١/٨٢٣).

([3]) ٠البحر٠، كتاب الطهارة، ١/٢٥. 

([4]) ٠الفتاوى الرضوية٠، كتاب الطهارة، ١/٢١٨-٢٢٠.(الجزء الأوّل، صــ٢٨٧-٢٨٩).




إنتقل إلى

عدد الصفحات

568