في المکتوب فکذلک نية الدّعاء، أو نقول: الاستشفاء من باب الدّعاء فنيته نيته.
وأقول: ليس الأمرکذا، فمعنی القراءة بنية الدّعاء أن يکون الکلام نفسه دعاء فيريد به إنشاءه لا تلاوةَ الکلام العزيز، والاستشفاء دعاء معنوي لا يجعل اللفظ بمعنی الدعاء، فليس هو من بابه ولا تغيير أيضاً فإنّ الذي يقرء ويکتب مستشفياً متبرّکاً فإنّما يريد التبرّک والاستشفاء بالکلام العزيز لا أنّه يخرجه عن القرآنية ثمّ يستشفي بغير القرآن، ولو کانت تغيّر لَجاز أن يقرأ الجنب القرآن کلّه بنية الشّفاء، فإنّ القرآن من أوّله إلی آخره نور وهدی وشفاء، وهذا لا يسوغ أن يقول به أحد، وبالجملة فالمنوي في الرُّقية هو القرآن نفسه لا غيره، ألا تری! أنّ بعض الصحابة رضي الله تعالی عنهم لمّا رقی السليم بالفاتحة علی شاء وجاء بها إلی أصحابه کرهوا ذالک وقالوا: أخذت علی کتاب الله أجراً حتی قَدِموا المدينة، فقالوا: يارسول الله أخذ علی کتاب الله أجراً، فقال رسول الله صلی الله تعالى عليه وسلّم: ((إنّ أحقّ ما أخذتم عليه أجراً کتاب الله)) کما في الجامع الصحيح[1] عن ابن عباس رضي الله تعالی عنهما[2]، فلم يخرج الاسترقاء الفاتحة عن کونها کتاب الله
[1] أخرجه البخاري في ٠صحيحه٠ (٥٧٣٧)، كتاب الطب، باب الشرط في الرُّقية بقطيع من الغنم، ٤/٣١.
[2] عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي، أبو العباس، حبر الأمة، (ت٦٨ﻫ). فلازم رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى عنه الأحاديث الصحيحة، وشهد مع علي الجمل وصفين، وكف بصره في آخر عمره، فسكن الطائف، وتوفي بها.
(٠الأعلام٠، ٤/٩٥).