اللذات ويقويه على إماتة الشهوات ويتولى سياسته وتقويته وأمده بمعونته، فإن الكريم لا يضيع سعي الراجي ولا يخيب أمل المحب وهو الذي يقول: ½من تقرب إليَّ شبراً تقربت إليه ذراعاً[1]¼[2] ويقول تعالى: ½لقد طال شوق الأبرار إلى لقائي وإني إلى لقائهم أشد شوقاً¼ فليظهر العبد في البداية جده وصدقه وإخلاصه فلا يعوزه من الله تعالى على القرب ما هو اللائق بجوده وكرمه ورأفته ورحمته.
تمّ كتاب ذم الجاه والرياء والحمد لله وحده.
وهو الكتاب التاسع من ربع المهلكات من كتاب إحياء علوم الدين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الخالق البارئ المصور العزيز الجبار المتكبر العلي الذي لا يضعه عن مجده واضع، الجبار الذي كل جبار له ذليل خاضع وكل متكبر في جناب عزه مسكين متواضع، فهو القهار الذي لا يدفعه عن مراده دافع، الغني الذي ليس له شريك ولا منازع، القادر الذي بَهَرَ[3] أبصارَ الخلائق جلالُه وبَهاءُه[4]، وقهر العرش المجيد استواءه واستعلاءه واستيلاءه، وحصر ألسن الأنبياء وصفه وثناءه، وارتفع عن حد قدرتهم إحصاءه واستقصاءه، فاعترف بالعجر عن وصف كنه جلاله ملائكته وأنبياءه، وكسر ظهور الأكاسرة[5] عزه وعلاءه، وقصر أيدي القياصرة[6] عظمته وكبرياءه، فالعَظَمة إزاره والكبرياء رداءه، ومن نازعه فيهما قصمه بداء الموت فأعجزه دواءه، جل جلاله وتقدست أسماءه، والصلاة على محمد الذي أنزل عليه النور المنتشر ضياءه، حتى أشرقت بنوره أكناف العالم وأرجاءه[7]، وعلى آله وأصحابه الذين هم أحباء الله وأولياءه، وخيرته وأصفياءه وسلم تسليماً كثيراً.
[1] أي وصلت رحمتي إليه قدراً أزيد منه وكلما زاد العبد قربة زاده الله رحمة. (التيسير)
[2] …صحيح مسلم، كتاب التوبة، باب في الحض علی التوبة والفرح بها، الحديث:۲٦۷٥، ص:۱٤٦۷.
[3] أي غَلَب. (مختار الصحاح)
[4] أي حُسْنه. (الصحاح في اللغة)
[5] المراد بالأكاسرة ملوك الفُرسِ جمع ½كِسرٰى¼ وهو لقب كلِّ مَن مَلَكَ بلادَ الفُرسِ. (لسان العرب)
[6] المراد بالقياصرة ملوك الروم جمع قيصر وهو كل من ملك بلاد الروم. (المعجم الوسيط)
[7] أي أطرافه من سائر الجهات. (اتحاف)