إلى الرياء ولا يحمده عليه، فهذا فرح بحسن إيمان عباد الله وعلامة الإخلاص في هذا النوع أن يكون فرحه بحمدهم غيره مثل فرحه بحمدهم إياه.
وأما المذموم وهو الخامس: فهو أن يكون فرحه لقيام منزلته في قلوب الناس حتى يمدحوه ويعظموه ويقوموا بقضاء حوائجه ويقابلوه بالإكرام في مصادره وموارده فهذا مكروه والله تعالى أعلم.
بيان ما يحبط العمل من الرياء الخفي والجلي وما لا يحبط:
فنقول فيه: إذا عقد العبد العبادة على الإخلاص ثم ورد عليه وارد الرياء فلا يخلو إما أن يرد عليه بعد فراغه من العمل أو قبل الفراغ، فإن ورد بعد الفراغ سرور مجرد بالظهور من غير إظهار فهذا لا يفسد العمل إذ العمل قد تم على نعت الإخلاص سالماً عن الرياء فما يطرأ بعده فيرجو أن لا ينعطف عليه أثر لا سيما إذا لم يتكلف هو إظهاره والتحدث به ولم يتمن إظهاره وذكره، ولكن اتفق ظهوره بإظهار الله ولم يكن منه إلا ما دخل من السرور والارتياح على قلبه، نعم لو تم العمل على الإخلاص من غير عقد رياء ولكن ظهرت له بعده رغبة في الإظهار فتحدث به وأظهره فهذا مخوف.
وفي الآثار والأخبار ما يدل على أنه يحبط فقد روي عن ابن مسعود أنه سمع رجلاً يقول: قرأت البارحة[1] البقرة، فقال: ذلك حظه منها. وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل قال له صمت الدهر يا رسول الله، فقال له: ((مَا صُمْتَ وَلاَ أَفْطَرْتَ)) [2] فقال بعضهم: إنما قال ذلك لأنه أظهره وقيل: هو إشارة إلى كراهة صوم الدهر وكيفما كان فيحتمل أن يكون ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن ابن مسعود استدلالاً على أن قلبه عند العبادة لم يخل عن عقد الرياء وقصده له لما أن ظهر منه التحدث به إذ يبعد أن يكون ما يطرأ بعد العمل مبطلاً لثواب العمل بل الأقيس أن يقال: إنه مثاب على عمله الذي مضى ومعاقب على مراآته بطاعة الله بعد الفراغ منها، بخلاف ما لو تغير عقده إلى الرياء قبل الفراغ من الصلاة فإن ذلك قد يبطل الصلاة ويحبط العمل. وأما إذا ورد وارد الرياء قبل الفراغ من الصلاة مثلاً وكان قد عقد على الإخلاص ولكن ورد في أثنائها وارد الرياء فلا يخلو إما أن يكون مجرد سرور لا يؤثر في العمل وإما أن يكون رياء باعثاً على العمل، فإن كان باعثاً على العمل وختم العبادة به حبط أجره، ومثاله: أن يكون في تطوع فتجددت له نظارة أو حضر ملك من الملوك وهو يشتهي أن ينظر إليه أو يذكر شيئاً نسيه من ماله وهو يريد أن يطلبه ولولا الناس لقطع الصلاة فاستتمها خوفاً من مذمة الناس فقد حبط أجره وعليه الإعادة[3] إن كان في فريضة وقد قال صلى