عنوان الكتاب: منتخب الأبواب من إحياء علوم الدين

ما اتبعني منكم رجلان. وقال الحسن: إن خفق النعال حول الرجال قلما تلبث عليه قلوب الحمقى وخرج الحسن ذات يوم فاتبعه قوم فقال: هل لكم من حاجة وإلا فما عسى أن يبقى هذا من قلب المؤمن.

وروي أن رجلاً صَحِبَ ابن محيريز في سفر فلمّا فارقه قال: أوصني، فقال: إن استطعت أن تعرف ولا تعرف، وتمشي ولا يمشى إليك، وتسأل ولا تسئل فافعل. وخرج أيوب في سفر فشيعه ناس كثيرون فقال: لولا أني أعلم أن الله يعلم من قلبي أني لهذا كاره لخشيت المقت من الله عز وجل. وقال معمر: عاتبت أيوب على طول قميصه فقال: إن الشهرة فيما مضى كانت في طوله وهي اليوم في تشميره. قال بعضهم: كنت مع أبي قلابة إذ دخل عليه رجل عليه أكسية فقال: إياكم وهذا الحمار الناهق، يشير به إلى طلب الشهرة.

وقال الثوري: كانوا يكرهون الشهرة من الثياب الجيدة والثياب الرديئة إذ الأبصار تمتد إليهما جميعاً. وقال رجل لبشر بن الحارث أوصني، فقال: أخمل ذكرك وطيب مطعمك. وكان حوشب يبكي ويقول: بلغ اسمي مسجد الجامع وقال بِشْر: ما أعرف رجلاً أحب أن يعرف إلا ذهب دينه وافتضح وقال: أيضاً لا يجد حلاوة الآخرة رجل يحب أن يعرفه الناس. رحمة الله عليه وعليهم أجمعين.

بيان فضيلة الخمول:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رُبَّ أَشْعَثَ[1] أَغْبَرَ[2] ذِيْ طِمْرَينِ[3] لاَ يُؤْبَهُ لَهُ[4] لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ[5] مِنْهُمْ الْبَرَّاءُ بْنُ مَالِكٍ)) [6] وقال ابن مسعود قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((رُبَّ ذِي طِمْرَيْنِ لا يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ لَوْ قَالَ الَّلهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ لأَعْطَاهُ الجَنَّةَ وَلَمْ يُعْطِهِ مِنَ الدُّنْيَا شَيْئًا)) [7]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ الجَنَّةِ كُلُّ ضَعِيْفٍ[8]


 



[1]      الأشعث: من تغير شعره وتلبد من قلة تعهده بالدهن. (بحر الفوائد)

[2]      أغبر: عليه الغبار ، وهو ما صَغُر من التراب والرماد. (بحر الفوائد)

[3]      تثنية طمر بالكسر وهو الثوب الخلق. (اتحاف)

[4]      أي لا يبالي به ولا يلتفت إليه لحقارته. (اتحاف)

[5]      أي أبر قسمه وأوقع مطلوبه إكراماً له وصوناً ليمينه عن الحنث لعظم منزلته عنده، أو معنى القسمِ الدعاءُ، وإبرارِه إجابتُه. (اتحاف)

[6]      سن الترمذي، كتاب المناقب ، باب مناقب البراء بن مالك رضی الله عنه، الحديث:۳۸۸۰،  ٤/ ٤٦۰

[7]      سنن الترمذي، كتاب المناقب، باب مناقب البراء بن مالك رضی الله عنه، الحديث :۳۸۸۰،  ٤/ ٤٦۰

[8]      كل ضعيف: قال أبو البقاء : برفع ½كل¼ لاغير أي: هم كل ضعيف عن أذى الناس أو عن المعاصي ملتزم الخشوع والخضوع بقلبه وقالبه. (فيض القدير)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

178