هو سبب سعادته في اعتقاده؟ وإنما علاجه على الجملة أن يكون متهما لرأيه أبداً لا يغتر به إلا أن يشهد له قاطع من كتاب أو سنة أو دليل عقلي صحيح جامع لشروط الأدلة، ولن يعرف الإنسان أدلة الشرع والعقل وشروطها ومكامن الغلط فيها إلا بقريحة تامة وعقل ثاقب وجد وتشمر في الطلب وممارسة للكتاب والسنة ومجالسة لأهل العلم طول العمر ومدارسة للعلوم ومع ذلك فلا يؤمن عليه الغلط في بعض الأمور. والصواب لمن لم يتفرغ لاستغراق عمره في العلم أن لا يخوض في المذاهب ولا يصغي إليها ولا يسمعها ولكن يعتقد أن الله تعالى واحد لا شريك له وأنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وأن رسوله صادق فيما أخبر به ويتبع سنة السلف ويؤمن بجملة ما جاء به الكتاب والسنة من غير بحث وتنقير وسؤال عن تفصيل، بل يقول: آمنا وصدقنا ويشتغل بالتقوى واجتناب المعاصي وأداء الطاعات والشفقة على المسلمين وسائر الأعمال، فإن خاض في المذاهب والبدع والتعصب في العقائد هلك من حيث لا يشعر. هذا حق كل من عزم على أن يشتغل في عمره بشيء غير العلم، فأما الذي عزم على التجرد للعلم فأول مهم له معرفة الدليل وشروطه وذلك مما يطول الأمر فيه، والوصول إلى اليقين والمعرفة في أكثر المطالب شديد لا يقدر عليه إلا الأقوياء المؤيدون بنور الله تعالى وهو عزيز الوجود جداً. فنسأل الله تعالى العصمة من الضلال ونعوذ به من الاغترار بخيالات الجهال.
تم كتاب ذم الكبر والعجب والحمد لله وحده، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.