الله عليه وسلم: ((العَمَلُ كَالْوِعَاءِ[1] إِذَا طَابَ آخِرُهُ طَابَ أَوَّلُهُ)) [2] أي النظر إلى خاتمته. وروي: ½أنه من راءى بعمله ساعة حبط عمله الذي كان قبله¼ وهذا منزل على الصلاة في هذه الصورة لا على الصدقة ولا على القراءة فإن كل جزء من ذلك مفرد فما يطرأ يفسد الباقي دون الماضي والصوم والحج من قبيل الصلاة. وأما إذا كان وارد الرياء بحيث لا يمنعه من قصد الإتمام لأجل الثواب كما لو حضر جماعة في أثناء الصلاة ففرح بحضورهم وعقد الرياء وقصد تحسين الصلاة لأجل نظرهم وكان لولا حضورهم لكان يتمها أيضاً فهذا رياء قد أثر في العمل وانتهض[3] باعثاً على الحركات، فإن غلب حتى انمحق معه الإحساس بقصد العبادة والثواب وصار قصد العبادة مغموراً فهذا أيضاً ينبغي أن يفسد العبادة مهما مضى ركن من أركانها على هذا الوجه، لأنا نكتفي بالنية السابقة عند الإحرام بشرط أن لا يطرأ عليها ما يغلبها ويغمرها، ويحتمل أن يقال: لا يفسد العبادة نظراً إلى حالة العقد وإلى بقاء قصد أصل الثواب وإن ضعف بهجوم قصد هو أغلب منه.
ولقد ذهب الحارث المحاسبي رحمه الله تعالى إلى الإحباط في أمر هو أهون من هذا وقال: إذا لم يرد إلا مجرد السرور باطلاع الناس -يعني سروراً هو كحب المنزلة والجاه- قال: قد اختلف الناس في هذا فصارت فرقة إلى أنه محبط لأنه نقض العزم الأول وركن إلى حمد المخلوقين ولم يختم عمله بالإخلاص وإنما يتم العمل بخاتمته، ثم قال: ولا أقطع عليه بالحبط وإن لم يتزيد في العمل ولا آمن عليه وقد كنت أقف فيه لاختلاف الناس والأغلب على قلبي أنه يحبط إذا ختم عمله بالرياء ثم قال: فإن قيل: قد قال الحسن رحمه الله تعالى إنهما حالتان فإذا كانت الأولى لله لم تضره الثانية، وقد روي أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله أسر العمل لا أحب أن يطلع عليه فيطلع عليه فيسرني قال: ((لَكَ أَجْرَانِ أَجْرُ السِّرِّ وَأَجْرُ الْعَلاَنِيَةِ)) [4] ثم تكلم على الخبر والأثر فقال: أما الحسن فإنه أراد بقوله: لا يضره أي لا يدع العمل ولا تضره الخطرة وهو يريد الله ولم يقل؛ إذ عقد الرياء بعد عقد الإخلاص لم يضره، وأما الحديث فتكلم عليه بكلام طويل يرجع حاصله إلى ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه يحتمل أنه أراد ظهور عمله بعد الفراغ وليس في الحديث أنه قبل الفراغ.