تعالى: ﴿إِذۡ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰٓ أَبِينَا مِنَّا وَنَحۡنُ عُصۡبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ (٨) ٱقۡتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطۡرَحُوهُ أَرۡضٗا يَخۡلُ لَكُمۡ وَجۡهُ أَبِيكُمۡ﴾ [يوسف: ٨،٩] فلما كرهوا حب أبيهم له وساءهم ذلك وأحبوا زواله عنه فغيبوه عنه.
وقال تعالى: ﴿وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمۡ حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ﴾ [الحشر:٩] أي لا تضيق صدورهم به ولا يغتمون فأثنى عليهم بعدم الحسد.
وقال تعالى في معرض الإنكار: ﴿أَمۡ يَحۡسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۖ﴾ [النساء:٥٤] وقال تعالى: ﴿كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ﴾ إلى قوله: ﴿إِلَّا ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۖ﴾ [البقرة:٢١٣] قيل في التفسير حسداً وقال تعالى: ﴿وَمَا تَفَرَّقُوٓاْ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۚ﴾ [الشورى:١٤] فأنزل الله العلم ليجمعهم ويؤلف بينهم على طاعته وأمرهم أن يتألفوا بالعلم فتحاسدوا واختلفوا إذ أراد كل واحد منهم أن ينفرد بالرياسة وقبول القول فرد بعضهم على بعض قال ابن عباس: كانت اليهود قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم إذا قاتلوا قوماً قالوا: نسألك بالنبي الذي وعدتنا أن ترسله وبالكتاب الذي تنزله إلا ما نصرتنا فكانوا ينصرون فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم من ولد إسماعيل عليه السلام عرفوه وكفروا به بعد معرفتهم إياه فقال تعالى: ﴿وَكَانُواْ مِن قَبۡلُ يَسۡتَفۡتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِۦۚ﴾ [البقرة:٨٩] إلى قوله: ﴿أَن يَكۡفُرُواْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بَغۡيًا﴾ [البقرة:٩٠] أي حسداً. وقالت صفية بنت حيي[1] للنبي صلى الله عليه وسلم: جاء أبي وعمي من عندك يوماً فقال أبي لعمي: ما تقول فيه؟ قال: أقول إنه النبي الذي بَشَّر به موسى قال: فما ترى؟ قال: أرى معاداته أيام الحياة. فهذا حكم الحسد في التحريم.
وأما المنافسة فليست بحرام بل هي إما واجبة وإما مندوبة وإما مباحة وقد يستعمل لفظ الحسد بدل المنافسة والمنافسة بدل الحسد.
قال قثم بن العباس: لما أراد هو والفضل أن يأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فيسألاه أن يؤمرهما على الصدقة، قالا لعلي: حين قال لهما لا تذهبا إليه فإنه لا يؤمركما عليها، فقالا له: ما هذا منك إلا نفاسة والله لقد زوجك ابنته فما نفِسنا ذلك عليك أي هذا منك حسد وما حسدناك على تزويجه إياك فاطمة. و½المنافسة¼ في اللغة مشتقة من النفاسة والذي يدل على إباحة المنافسة قوله تعالى: ﴿وَفِي ذَٰلِكَ فَلۡيَتَنَافَسِ ٱلۡمُتَنَٰفِسُونَ﴾ [المطففين:٢٦] وقال تعالى: ﴿سَابِقُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ﴾ [الحديد:٢١] وإنما
[1] أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها اصطفاها النبي صلى الله عليه وسلم من سبي خيبر وجعل عتقها صَِداقها وقسم لها، وكانت من عقلاء النساء لها شرف في قومها. (اتحاف)