عنوان الكتاب: جد الممتار على رد المحتار (المجلد الأول)

أقول: وقد بقي من المرجِّحات، كونه أحوط أو أرفق أو عليه العمل، وهذا يقتضي الكلام على تفاضُل هذه المرجّحات فيما بينها، وكأنّه لم يلمّ به لصعوبة استقصائه، فليس في كلامه مضادّة لما ذكرنا.

وأنا أقول: الترجّح بكونه مذهب الإمام أرجح من الكلّ للتصريحات القاهرة الظّاهرة الباهرة المتواترة أنّ الفتوى بقول الإمام مطلقاً، وقد صرّح الإمام الأجلّ صاحب الهداية بوجوبه على كلّ حال، وإن بغيتَ التفصيل وجدتَّ الترجيح به أرجح من جلّ ما ذكر مما يوجد معارضاً له.

فأقول: القول لا يكون إلاّ ظاهر الرواية، ومحال أن تمشي المتون قاطبةً على خلاف قوله، وإنّما وضِعت لنقل مذهبه، وكذا لن تجد أبداً أنّ المتون سكتت عن قوله والشّروح أجمعت على خلافه، ولم يلهج به إلاّ الفتاوى، والأنفعيّة للوقف من المصالح الجليلة المهمّة وهي إحدى الحوامل الستّ، وكذا الأوفقيّة لأهل الزمان، وكونه عليه العمل، وكذا الأرفق إذا كان في محل دفع الحرج، والأحوط إذا كان في خلافه مفسدة، والاستحسان إذا كان لنحو ضرورة أو تعامل، أمّا إذا كان لدليلٍ فمختص بأهل النظر، وكذا كونه أوجه وأوضح دليلاً كما اعترف به في شرح عقوده[1]، وقد أعلمناك أنّ المقلّد لا يترك قول إمامه لقول غيره إن غيره أقوى دليلاً في نظري فأين النظر من النظر؟!، وإنّما يتبعه في ذلك تاركاً تقليد إمامه مَن يسلّم أنّ أحداً من مقلّديه ومجتهدي مذهبه أبصر بالدليل الصحيح منه، ولربّما يكون قياس


 



[1] ٠مجموعة رسائل ابن عابدين٠، الرسالة: ٠عقود رسم المفتي٠، ١/٤٠.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

568