عنوان الكتاب: جد الممتار على رد المحتار (المجلد الأول)

ما هو علة حکم الجمع عنده لِم لا يحکم به؟، ويعدل عنه إلی ما قد سقط اعتباره عنده لأجل أنّ العلة دائمة هاهنا وإنّ دوام العلة إنّما يقتضي دوام الحکم لا إلغاؤها وإسناده إلی غيرها.

فإن قيل: قد يدوم السبب هاهنا شهوراً ودهوراً فکيف يجمع الآخر إلی الأوّل؟

قلت: هذا اعتراف بأنّ اتحاد السبب لا يقوم باقتضاء حکم الجمع فلم يکن فيه دفع الإيراد بل تسليمه.

لکنّي أقول: يتخالج صدري ما يدفع هذا والإيراد جميعاً إن شاء الله تعالی. وهو إنّا لا نسلّم هاهنا اتحاد السبب بل الرّوح إذا أحسّت بألمٍ تتوجّه لدفاعه، فتتبعها الريح والدم، فلاجتماعها يحدث الورم وتزداد الحرارة فيثقل اجتماع الدم هاهنا غير أنّ الطبيعة تضنّ بالدم الصالح أن تدفعه، ولذلک إذا فصد المريض يتقدّم الدم الفاسد خروجاً، وعن هذا کانت الحجامة أحبّ من الفصد؛ لأنّ الفصد يشقّ العرق فيثجّ الدم ثجاًّ، فمع شدة تحفّظ الطبيعة علی الدم الصالح تعجز عن إمساکه کلياًّ؛ لأنّه بانفتاح مجراه يسيل بطبعه سيلاناً قوياًّ، فمع حجز الطبيعة يخرج شيء من الصالح قهراً عليها بخلاف الحجامة، فإنّ الخروج فيها ضعيف فتتقوّی الطبيعة علی إحراز الصالح کما ينبغي، وإذا کان الأمر کذلک لا تنبعث للطبيعة داعية دفع الدم المنتقل إلی هنا مع الروح إلاّ إذا عملت فيه الحرارة الملتهبة من اجتماع الثلاث الحارات فينفسد بنضج يحصل له بعد بلوغه کمال صلاحه، وح تترک الطبيعة الضنّ به، ويزداد


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

568