التأذّي، فتحب دفعه فتنفجر القرحة فيجعل الدم يخرج علی شاکلته في الحجامة دون الفصد؛ لأنّ الانفتاح هاهنا أيضاً في الجلد لا في العرق، فيکون خروجه بضعف لا بدفق شديد غير أنّ القدر المتهيء منه للخروج وهو الذي تحوّل مزاجه من الصّلاح وعدل قوامه للخروج إذا خرج خرج، أعني: تتعاقب أجزاؤه ولا ينبغي لبعضه القعود خلف بعض حتّی يحصل بين خروج أبعاضه طفرات وتخللات انقطاع؛ لأنّ المقتضي موجود والمانع مفقود، فلا يزال يخرج حتی ينتهي، ثمّ إذا کان الأذي باقياً بعد لا تزال الروح تتوجّه إليه فيعقب الخارج دمٌ آخر صالحٌ ويمکث حتی يعرض له ما عرض لسالفه، فيخرج کما خرج وهکذا.
فظهر أنّ کلّ خروج بعد انقطاع من دون منع إنّما ينشؤ من سبب جديد فيجب أن لا يجمع إلاّ ما تلاحق شيئاً فشيئاً کما ذکرنا، وهو المعنی إن شاء الله تعالی باتّحاد المجلس؛ لأنّ المجلس نفسه معتبر حتی إذا بدأ الدم فانتقل الإنسان من فوره لا يجمع ما خرج هنا مع ما خرج آنفاً، وإن بقي جالساً کما هو طول النهار وخرج دم أوّل الصّبح وانقطع ثم خرج شيء عند الغروب يجمع هذا مع الأوّل فإنّ هذا بعيد من الفقه کلّ البعد.
وبالجملة علامة اتحاد السبب هاهنا هو التلاحق واختلافه هو تخلّل الانقطاع طبعاً لا قسراً بخلاف القيء، فإنّ الطبيعة تحتاج فيه إلی دفع الثقيل الذي ميله الطبعي إلی الأسفل علی خلاف طبعه إلی جهة الأعلی، فربّما لا تقدر عليه إلاّ تدريجاً کما هو مرئي مشاهد، فما دام الطبيعة في الهيجان فهو