تيقّن المذي في عدم تذكّر الاحتلام أيضاً، كما نصّ عليه في الحلبة[1]. نعم! وجّهوه: (بأنّ هذا تيقّن لا ينفي احتمال المنوية؛ لأنّه قد يرقّ... إلخ). ولذا قال في فتح القدير[2]: (التيقّن متعذّر مع النوم)، كما في البحر[3].
أقول: لكن يرد على هذا أنّه يكون حينئذٍ كلّ احتمال المذوية أيضاً احتمال المنويّة؛ لأنّ الذي يُمكن أن يكون مذياً، أي: يذهب القلبُ إلى أنّه مذي مع ذهابه إلى أنّه ودي أيضاً يُمكن أن كان منيّاً رقّ فاحتمل وتردّد الأمر في المذْي والودْي، وإذ احتمال المنويّة مُوجب للغسل عندهما في صورة عدم التذكّر وجب أن يكون كذلك احتمال المذوية؛ لأنّ احتماله احتماله، فإذن لا يبقى الفرق بين حالة التذكّر وعدمه حيث يدور الأمر فيهما على احتمال المذوية، وهو خلاف النقول قاطبةً. فإذن يجب الفرق بأنّه إذا لم يتذكّر الحلم ورأى ما تيقّن مذويته لم يجب الغُسل؛ لأنّه ليس معه ما يعارض يقينه، هذا بخلاف ما إذا تذكّر ورأى بَللاً علم أو احتمل أنّه مذي؛ لأنّ تذكّر الحُلُم دليلٌ قويٌ على خروج المني، وهذا الذي يحتمل أو يعلم أنّه مذيٌ يحتمل أنّه مني رقّ، فلقيام الدليل على ظنّ المنوية وجب الغُسل بمجرّد احتمال المذوية فضلاً عن تيقّنها، فالظّاهر أنّ الراجح ما عليه هؤلاء الأعلام أصحاب الكافي والبحر والدرّ وغيرهم، والله تعالى أعلم. ١٢
قلت: والحاصل أنّ الموجب مع عدم التذكّر عندهما احتمال المنوية، وعند أبي يوسف تيقّنها، ومعه احتمال المذوية بالاتّفاق، فكيف باحتمال المنوية؟