أقول: ومعنى القدرة على استعمال الماء أن يكون ثمّه ماءٌ وموضعٌ أُعدَّ للاغتسال أو عنده إناء يمكن أن يغتسل فيه بحيث لا يقع شيء من الغسالة في المسجد، أو تكون له ثياب صفيقة تمسك الماء فيغتسل عليها، ثم يرمى به خارج المسجد، وهو واقعتي ولله الحمد ، كنتُ معتكفاً في مسجدي في الشتاء، وأردتُ الوضوء وكان المطر شديداً، فتوضّأت على لحافي ولم تصب المسجد قطرة ولله الحمد ، وكان هذا بحمد الله تعالى إلهاماً من ربّي، ثُمّ بعد سنين رأيتُ الإرشاد إليه في البحر[1] عن تجنيس الإمام الأجل صاحب الهداية قال رحمه الله تعالى[2]: (لو سبقه الحدثُ وقت الخطبة يوم الجمعة، فإن وجد الطريق انصرف وتوضّأ، وإن لم يُمكنه الخروج يجلس ولا يتخطّى رقاب الناس، فإن وجد ماءً في المسجد وضع ثوبه بين يديه حتّى يقع الماء عليه ويتوضّأ بحيث لا ينجس المسجد، ويستعمل الماء على التقدير، ثمّ بعد خروجه من المسجد يغسل ثوبه). قال البحر[3]: (وهذا حسن جداً) اﻫ.
أقول: قوله: (لا ينجس) والأمر بغَسل الثوب بناءً على نجاسة الماء المستعمل، وقوله: (على التقدير) أي: التقليل، كيلا ينفذ الماء من الثوب، فإن كان الثوب كثير القطن كواقعتي يسبغ الوضوء، كما فعلت، ولله الحمد[4].