عنوان الكتاب: جد الممتار على رد المحتار (المجلد الأول)

(عليهما)، فيكون عملاً بحجّةٍ ولو إجماليةً كما عرفتَ، هذا هو حقيقة التقليد، (لكنّ العُرف) مضى[1] (على أنّ العامّي مقلّدٌ للمجتهد)، فجعل عمله بقوله من دون معرفة دليله التفصيلي تقليداً له، وإن كان إنّما يرجع إليه؛ لأنّه مأمور شرعاً بالرجوع إليه والأخذ بقوله، فكان عن حجة لا بغيرها، وهذا الاصطلاح خاصٌ بهذه الصّورة، فالعمل بقول النّبي صلى الله تعالى عليه وسلم وبقول أهل الإجماع لا يسمّيه العُرف أيضاً تقليداً. (قال الإمام:) هذا عُرف العامّة، (و)مشى (عليه معظم الأصوليين)، والاصطلاحات[2] سائغة لا محلَّ فيها للتذييل بأنّ هذا ضعيفٌ، وذاك معتمدٌ كما لا يخفى. هذا هو التقرير الصّحيح لهذا الكلام، والله تعالى ولي الإنعام.

الثالثة: أقول: حيث علمتَ أنّ الجمهور على منع أهل النظر من تقليد غيره، وعندهم أخذه بقوله من دون معرفة دليله التفصيلي يرجع إلى التقليد الحقيقيّ المحظور إجماعاً بخلاف العامّي؛ فإنّ عدم معرفته الدليل التفصيلي يوجب عليه تقليد المجتهد، وإلاّ لَزم التكليف بما ليس في الواسع أو تركه سدًى، ظهر أنّ عدم معرفة الدليل التفصيلي له أثران: تحريم التقليد في حقّ أهل النظر. وإيجابه في حقّ غيرهم.

 ولا غروَ أن يكون شيءٌ واحدٌ موجباً ومُحرماً معاً لشيء آخر باختلاف الوجه، فعدم المعرفة لعدم الأهلية موجبٌ للتقليد ومعها محرم له.


 



[1] تقديره أولى من تقدير ٠دل٠ كما لا يخفى اﻫ منه غفر له.

[2] فـ: معروضة عليه.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

568