فرارك من الأسد[1]. الذي رواه البخاري.
فهذان حديثان صحيحان ظاهرهما التعارض؛ لأن الأول ينفي العدوى، والثاني يثبتها، وقد جمع العلماء بينهما ووفقوا بين معناهما على وجوه متعددة، أذكر هنا ما اختاره الحافظ ابن حجر ومفاده ما يلي:
٤ كيفية الجمع:
وكيفية الجمع بين هذين الحديثين أن يقال: إن العدوى منفية وغير ثابتة، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: لا يعدي شيء شيئاً [2]. وقوله لمن عارضه بأن البعير الأجرب يكون بين الإبل الصحيحة فيخالطها فتجرب: فمن أعدى الأول؟[3]. يعني أن الله تعالى ابتدأ ذلك المرض في الثاني كما ابتدأه في الأول، وأما الأمر بالفرار من المجذوم فمن باب سد الذرائع، أي لئلا يتفق للشخص الذي يخالط ذلك المجذوم حصول شيء له من ذلك المرض بتقدير الله تعالى ابتداء لا بالعدوى المنفية، فيظن أن ذلك كان بسبب مخالطته له، فيعتقد صحة العدوى فيقع في الإثم، فأمر بتجنب المجذوم دفعاً للوقوع في هذا الاعتقاد الذي يسبب الوقوع في الإثم.
٥ ماذا يجب على من وجد حديثين متعارضين مقبولين؟
عليه أن يتبع المراحل الآتية:
أ إذا أمكن الجمع بينهما تعين الجمع ووجب العمل بهما.
ب إذا لم يمكن الجمع بوجه من الوجوه.
i فإن علم أحدهما ناسخاً قدمناه وعملنا به وتركنا المنسوخ.