نبذة تاريخية عن نشأة علم المصطلح والأطوار التي مر بها
يلاحظ الباحث المتفحص أن الأُسُس والأركان الأساسية لعلم الرواية ونقل الأخبار موجودة في الكتاب العزيز والسنة النبوية فقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ ﴾[1] وجاء في السنة قوله صلى الله عليه وسلم: نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من سامع[2]. وفي رواية فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه[3]. ففي هذه الآية الكريمة وهذا الحديث الشريف مبدأ التثبت في أخذ الأخبار وكيفية ضبطها بالانتباه لها ووعيها والتدقيق في نقلها للآخرين.
وامتثالا لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يتثبتون في نقل الأخبار وقبولها، لاسيما إذا شكوا في صدق الناقل لها، فظهر بناء على هذا موضوع الإسناد وقيمته في قبول الأخبار أوردها، فقد جاء في مقدمة صحيح مسلم عن ابن سيرين قال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم[4].
وبناء على أن الخبر لا يقبل إلا بعد معرفة سنده فقد ظهر علم الجرح والتعديل، والكلام على الرواة، ومعرفة المتصل أو المنقطع من الأسانيد، ومعرفة العلل الخفية، وظهر الكلام في بعض الرواة لكن على قلة، لقلة الرواة المجروحين في أول الأمر.
ثم توسع العلماء في ذلك حتى ظهر البحث في علوم كثيرة تتعلق بالحديث من ناحية ضبطه