اليهود[1]. ويقال: من يرى لنفسه قيمة فليس له من التواضع نصيب. وعن أبي الفتح بن شخرف قال: رأيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه في المنام فقلت له: يا أبا الحسن عظني فقال لي: ما أحسن التواضع بالأغنياء في مجالس الفقراء رغبة منهم في ثواب الله وأحسن من تيه[2] الفقراء على الأغنياء ثقة منهم بالله عز وجل. وقال أبو سليمان: لا يتواضع العبد حتى يعرف نفسه.
وقال أبو يزيد: ما دام العبد يظن أن في الخلق من هو شر منه فهو متكبر فقيل له: فمتى يكون متواضعاً؟ قال: إذا لم ير لنفسه مقاماً ولا حالاً وتواضع كل إنسان على قدر معرفته بربه عز وجل ومعرفته بنفسه. وقال أبو سليمان: لو اجتمع الخلق على أن يضعوني كاتضاعي عند نفسي ما قدروا عليه. وقال عروة بن الورد: التواضع أحد مصائد[3] الشرف وكل نعمة محسود عليها صاحبها إلا التواضع. وقال يحيى بن خالد البرمكي: الشريف إذا تنسك[4] تواضع، والسفيه إذا تنسك تعاظم. وقال يحيى بن معاذ: التكبر على ذي التكبر عليك بماله تواضع.
ويقال: التواضع في الخلق كلهم حسن وفي الأغنياء أحسن، والتكبر في الخلق كلهم قبيح وفي الفقراء أقبح. ويقال: لا عز إلا لمن تذلل لله عز وجل ولا رفعة إلا لمن تواضع لله عز وجل ولا أمن إلا لمن خاف الله عز وجل ولا ربح إلا لمن ابتاع نفسه من الله عز وجل. وقال أبو علي الجوزجاني: النفس معجونة[5] بالكبر والحرص والحسد فمن أراد الله تعالى هلاكه منع منه التواضع والنصيحة والقناعة، وإذا أراد الله تعالى به خيراً لطف به في ذلك فإذا هاجت في نفسه نار الكبر أدركها التواضع من نصرة الله تعالى، وإذا هاجت نار الحسد في نفسه أدركتها النصيحة مع توفيق الله عز وجل، وإذا هاجت في نفسه نار الحرص أدركتها القناعة مع عون الله عز وجل.
وعن الجنيد رحمه الله أنه كان يقول يوم الجمعة في مجلسه لولا أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يَكُوْنُ فِيْ آخِرِ الزَّمَانِ زَعِيْمُ الْقَوْمِ[6]...............................