وسلم فَقَعَدَ، وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ[1] فَنَكَّسَ وَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ فقالوا: يَا رسولَ الله، أفَلا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابنَا؟ فَقَالَ: اعْمَلُوا فكلٌّ مُيَسرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ[2]... وذكَر تَمَامَ الحديث. متفقٌ عَلَيْهِ.
باب الدعاء للميت بعد دفنه والقعود عند قبره ساعة للدعاء لَهُ والاستغفار والقراءة
وعن أَبي عمرو وقيل: أَبُو عبد الله، وقيل: أَبُو ليلى عثمان بن عفان رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا فُرِغَ مِن دَفْنِ المَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ، وقال: اسْتَغْفِرُوا لأخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ،[3] فَإنَّهُ الآنَ يُسألُ.[4] رواه أَبُو داود.[5]
وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه، قَالَ: إِذَا دَفَنْتُمُونِي، فَأقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ، وَيُقَسَّمُ لَحمُهَا حَتَّى أَسْتَأنِسَ بِكُمْ، وَأعْلَمَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي.[6] رواه مسلم. وَقَدْ سبق بطوله.
[1] ما يختصره الإنسان بيده فيمسكه من عصاً أو عكازة. (النهاية)
[2] حاصل السؤال ألا نترك مشقة العمل فإنا سنصير إلى ما قدر علينا، وحاصل الجواب: لا مشقة لأنّ كل أحد ميسر لما خلق له، وهو يسير على من يسره الله. (فتح الباري)
[3] أي اطلبوا له منه أن يثبت لسانه وجنانه لجواب الملكين. (التيسير)
[4] أي يسأله الملكان منكر ونكير فهو أحوج ما كان إلى الدعاء له. (التيسير) قال الخطابي: ليس فيه دلالة على التلقين عند الدفن كما هو العادة ولا نجد فيه حديثا مشهورا ولا بأس به إذ ليس فيه إلا ذكر الله تعالى وعرض الإعتقاد على الميت والحاضرين والدعاء له وللمسلمين والإرغام لمنكري الحشر وكل ذلك حسن.(مرقاة)
[5] إفادات: ويستفاد من الحديث ثلاث فوائد، الأولى: انتفاع الميت بدعاء الحي. الثانية: لا بد من السؤال في القبر. الثالثة: وقت السؤال عقيب الدفن. (شرح أبي داود للعيني)
[6] إفادات: فيه فوائد منها اثبات فتنة القبر وسؤال الملكين وهو مذهب أهل الحق ومنها استحباب المكث عند القبر بعد الدفن لحظة نحو ما ذكر لما ذكر وفيه أنّ الميت يسمع حينئذ من حول القبر. (نووي)