"اللَّهَوَاتُ" جَمْعُ لَهَاةٍ: وَهِيَ اللَّحْمَةُ الَّتي في أقْصى سَقْفِ الْفَمِ.
باب الندب إِلَى إتيان الصلاة والعلم ونحوهما من العبادات بالسكينة والوقار
قَالَ الله تَعَالَى: ﴿ وَمَن يُعَظِّمۡ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ ﴾ [الحج:٣٢].
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ تَأتُوهَا وَأنْتُمْ تَسْعَونَ، وَأتُوهَا وَأنْتُمْ تَمْشُونَ، وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ،[1] فَمَا أدْرَكْتُم فَصَلُّوا، وَمَا فَاتكُمْ فَأَتِمُّوا. متفقٌ عَلَيْهِ.
زاد مسلِمٌ في روايةٍ لَهُ: فَإنَّ أحَدَكُمْ إِذَا كَانَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلاَةِ فَهُوَ في صَلاَةٍ.[2]
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أنَّهُ دَفَعَ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم[3] يَوْمَ عَرَفَةَ فَسَمِعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وَرَاءهُ زَجْراً شَديداً وَضَرْباً وَصَوْتاً للإِبْلِ، فَأشَارَ بِسَوْطِهِ إلَيْهِمْ، وقال: أيُّهَا النَّاسُ! عَلَيْكُمْ بالسَّكِينَةِ، فَإنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بالإيضَاعِ.[4] رواه البخاري، وروى مسلم بعضه.
"الْبِرُّ": الطَّاعَةُ. وَ"الإيضَاعُ" بِضادٍ معجمةٍ قبلها ياءٌ وهمزةٌ مكسورةٌ، وَهُوَ: الإسْرَاعُ.
[1] أي الزموا الوقار في المشي وغض البصر وخفض الصوت وعدم الالتفات والعبث. (التيسير)
[2] أي أنه في حكم المصلي فينبغي له اعتماد ما ينبغي للمصلى اعتماده واجتناب ما ينبغي للمصلى اجتنابه. (فتح الباري)
[3] أي انصرف معه من عرفة يوم عرفة. (عمدة القاري)
[4] إفادات: فيه الدلالة على حصول فضيلة الجماعة بإدراك جزء من الصلاة لقوله: ((فما أدركتم فصلوا)) ولم يفصل بين القليل والكثير وفيه استحباب الدخول مع الإمام في أي حالة وجده عليها وفيه الحث على التأني والوقار عند الذهاب إلى الصلاة. (عمدة القاري) استحباب التأني والخشوع عند أداء العبادات، لأنّ الهدوء والسكينة أعون على حضور القلب، وثواب العبادة إنما يكون بقدر الخشوع وحضور القلب فيها، وما يشاهد في موسم الحج من تزاحم بعض الناس ودفع بعضهم في عرفات ومزدلفة ورمي الجمرات والطواف والسعي وغيرها من الأعمال إلى درجة إيذاء الآخرين من الضعفة والنساء والشيوخ ليس من الإسلام في شيء، وربما يفوت ذلك الأجر ويوقع في المعصية. (نزهة المتقين)