قَالَ العلماءُ: حَقِيقَةُ الحَيَاءِ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى تَرْكِ القَبِيحِ، وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ في حَقِّ ذِي الحَقِّ. وَرَوَيْنَا عَنْ أَبي القاسم الْجُنَيْدِ رَحِمَهُ الله، قَالَ: الحَيَاءُ: رُؤيَةُ الآلاءِ أيْ النِّعَمِ ورُؤْيَةُ التَّقْصِيرِ، فَيَتَوَلَّدُ بَيْنَهُمَا حَالَةٌ تُسَمَّى حَيَاءً.[1] وَالله أعلم.
قَالَ الله تَعَالَى: ﴿ وَأَوۡفُواْ بِٱلۡعَهۡدِۖ إِنَّ ٱلۡعَهۡدَ كَانَ مَسُۡٔولٗا ﴾ [الإسراء:٣٤].
وعن أَبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ مِنْ أشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى الْمَرْأةِ وتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا[3]. رواه مسلم.[4]
وعن عبدِ الله بن عمر رضي الله عنهما، أنَّ عمرَ رضي الله عنه حِيْنَ تأيَّمَتْ بِنْتُهُ حَفْصَةُ، قَالَ: لَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفّانَ رضي الله عنه، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: إنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ؟ قَالَ: سأنْظُرُ فِي أمْرِي. فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ لَقِيَنِي، فَقَالَ: قَدْ بَدَا لِي أنْ لاَ أتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا. فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ الصديق رضي الله عنه، فقلتُ: إنْ شِئْتَ أنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بنْتَ عُمَرَ،
[1] إفادات: فيه فضيلة الحياء (نووي) وأنه من كمال الإيمان، والحث على التخلق بخلق الحياء، ترك إنكار المنكر والجهر بالنصح والمطالبة بالحقوق ضعف وجبن، وليس من الحياء في شيء. (نزهة المتقين)
[2] وقال الراغب: السرّ ضربان أحدهما ما يلقى الإنسان من حديث يستكتم وذلك إما لفظا كقولك لغيرك: اكتم ما أقول لك. وإما حالا وهو أن يتحرى القائل حال انفراده فيما يورده أو خفض صوته أو يخفيه عن مجالسه. (فيض القدير)
[3] أي يتكلم بما جرى بينه وبينها قولا وفعلا، وهذا وعيد شديد. (فيض القدير)
[4] إفادات: في هذا الحديث تحريم إفشاء الرجل ما يجرى بينه وبين امرأته من أمور الاستمتاع ووصف تفاصيل ذلك وما يجرى من المرأة فيه من قول أو فعل ونحوه. (نووي)