عنوان الكتاب: كتاب الآداب من رياض الصالحين

باب تحريم ابتدائنا الكافر بالسلام وكيفية الرد عليهم واستحباب السلام عَلَى أهل مجلسٍ فيهم مسلمون وكفار

وعن أَبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لاَ تَبْدَأُوا اليَهُودَ وَلاَ النَّصَارَى بالسَّلامِ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ في طَرِيق فَاضطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ.[1] رواه مسلم.

وعن أنسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أهْلُ الكِتَابِ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ. متفقٌ عَلَيْهِ.

وعن أُسَامَة رضي الله عنه، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى مَجْلِسٍ فِيهِ أخْلاَطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكينَ عَبَدَة الأَوْثَانِ واليَهُودِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِم النبيُّ صلى الله عليه وسلم.[2] متفقٌ عَلَيْهِ.

باب استحباب السلام إِذَا قام من المجلس وفارق جلساءه أَوْ جليسه

عن أَبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِذَا انْتَهى[3] أَحَدُكُمْ إِلَى المَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ، فَإذَا أرَادَ أنْ يَقُومَ فَلْيُسَلِّمْ،[4] فَلَيْسَتِ الأُولَى بِأحَقّ مِنَ الآخِرَةِ.[5] رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: حديث حسن.


 



[1]   قال أصحابنا: لا يترك للذمى صدر الطريق بل يضطر إلى أضيقه إذا كان المسلمون يطرقون فإن خلت الطريق عن الزحمة فلا حرج. (نووي)

[2]     قال النووي: السنة إذا مر بمجلس فيه مسلم وكافر أن يسلم بلفظ التعميم ويقصد به المسلم، قال بن العربي: ومثله إذا مر بمجلس يجمع أهل السنة والبدعة وبمجلس فيه عدول وظلمة وبمجلس فيه محب ومبغض. (فتح)

[3]   أي إذا جاء ووصل. (مرقاة المفاتيح)

[4]   وقد قال بعض علمائنا من الشراح: وجواب هذا السلام مستحب لأنه دعاء ووداع اه. ولعل مأخذه قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٖ فَحَيُّواْ بِأَحۡسَنَ مِنۡهَآ﴾ [النساء:٨٦] وهذا ليس بسلام تحية فلا يدخل تحت الأمر المستفاد منه الوجوب، والله أعلم. (مرقاة المفاتيح، ٨/٤٣٣)

[5]     بل كلتاهما حق وسنة مشعرة إلى حسن المعاشرة وكرم الأخلاق ولطف الفتوة ولطافة المروءة فإنه إذا رجع

ولم يسلم ربما يتشوش أهل المجلس من مراجعته على طريق السكوت وبهذا يتبين أنه قد يقال بل الآخرة أولى من الأولى لأن تركها ربما يتسامح فيه بخلاف الثانية على ما هو المشاهد في المتعارف لا سيما إذا كان في المجلس ما لا يذاع ولا يشاع؛ ولذا قيل كما أن التسليمة الأولى إخبار عن سلامتهم من شره عند الحضور فكذلك الثانية إخبار عن سلامتهم من شرّه عند الغيبة وليست السلامة عند الحضور أولى من السلامة عند الغيبة بل الثانية أولى هذا. (مرقاة المفاتيح، ٨/٤٤٠)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

122