فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أمَرَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عِدَةٌ[1] أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأتِنَا، فَأتَيْتُهُ وَقُلْتُ لَهُ: إنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لي كَذَا وَكَذَا، فَحَثَى لي حَثْيَةً[2] فَعَدَدْتُهَا، فَإذَا هِيَ خَمْسُمائَةٍ، فَقَالَ لِي: خُذْ مِثْلَيْهَا. متفقٌ عَلَيْهِ.
باب المحافظة عَلَى مَا اعتاده من الخير
قَالَ الله تَعَالَى: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ﴾ [الرعد:١١].
وقال تَعَالَى: ﴿ وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّتِي نَقَضَتۡ غَزۡلَهَا مِنۢ بَعۡدِ قُوَّةٍ أَنكَٰثٗا ﴾ [النحل:٩٢].
وَ"الأنْكَاثُ": جَمْعُ نِكْثٍ، وَهُوَ الْغَزْلُ المَنْقُوضُ.
وقال تَعَالَى: ﴿ وَلَا يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلُ فَطَالَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَمَدُ فَقَسَتۡ قُلُوبُهُمۡۖ﴾ [الحديد:١٦].
وقال تَعَالَى: ﴿ فَمَا رَعَوۡهَا حَقَّ رِعَايَتِهَاۖ﴾ [الحديد:٢٧].
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَا عبْدَ الله، لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلانٍ[3] كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ.[4] متفقٌ عَلَيْهِ.
[1] بكسر العين مصدر وعد حذفت فاؤه وعوض عنها هاء في آخره، أي شيء وعده به. (نزهة المتقين)
[2] بفتح الحاء المهملة، والحثية ملء الكف، وقال ابن قتيبة هي الحفنة، وقال ابن فارس هي ملء الكفين، والفاء في فحثى عطف على محذوف تقديره خذ هكذا وأشار بيديه وفي الواقع هو تفسير لقوله خذ هكذا. (عمدة القاري)
[3] قال بعض المحققين: لا ينبغي الفحص عمن أبهم في مثل هذا المقام، فالستر عن أولي التقصير من شأن الناقد البصير. (دليل الفالحين)
[4] إفادات: قال ابن حبان فيه جواز ذكر الشخص بما فيه من عيب إذا قصد بذلك التحذير من صنيعه، وفيه استحباب الدوام على ما اعتاده المرء من الخير من غير تفريط، وفيه الإشارة إلى كراهة قطع العبادة وإن لم تكن واجبة. (عمدة القاري)