عنوان الكتاب: كتاب الآداب من رياض الصالحين

"الثُكْلُ" بضم الثاءِ المُثلثة: المُصيبَةُ وَالفَجِيعَةُ. "مَا كَهَرَنِي" أيْ: مَا نَهَرَنِي.

وعن العِرْباض بن ساريَةَ رضي الله عنه، قَالَ: وَعَظَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ،[1] وَذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ[2]... وَذَكَرَ الحَدِيثَ وَقَدْ سَبَقَ بِكَمَالِهِ في باب الأمْر بِالمُحَافَظَةِ عَلَى السُّنَّة، وَذَكَرْنَا أنَّ التَّرْمِذِيَّ، قَالَ: إنّه حديث حسن صحيح.

باب الوقار والسكينة

قَالَ الله تَعَالَى: ﴿ وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمۡشُونَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ هَوۡنٗا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلۡجَٰهِلُونَ قَالُواْ سَلَٰمٗا [الفرقان:٦٣].

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: مَا رَأيْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم مُسْتَجْمِعاً قَطُّ ضَاحِكاً حَتَّى تُرَى مِنهُ لَهَوَاتُهُ،[3] إنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ. متفقٌ عَلَيْهِ.


 



[1]     بكسر الجيم والوجل خوف مع الحذر أي خافت منها القلوب لتأثيرها في النفوس واستيلاء سلطان الخشية على القلوب. (مرقاة المفاتيح)

[2]     بفتح الراء أي دمعت منها العيون، أي سالت من موعظته دموع العيون، بضم العين وكسرها. (مرقاة المفاتيح)

[3]     وفي حديث أبى هريرة في الذى وقع على أهله في رمضان: أنه عليه السلام ضحك حتى بدت نواجذه. والنواجذ آخر الأسنان، وهي أسنان الحلم عند العرب. فإن قيل: إن هذا خلاف لما روته عائشة، ولا تبدو النواجذ على ما قال أبو هريرة إلاّ عند الاستغراق فى الضحك وظهور اللهوات. قيل: ليس هذا بخلاف؛ لأنّ أبا هريرة شهد مالم تشهد عائشة، وأثبت ما ليس فى خبرها، والمثبت أولى وذلك زيادة يجب الأخذ بها، وليس فى قول عائشة قطع منها أنه لم يضحك قط حتى تبدو لهواته فى وقت من الأوقات، وإنما أخبرت بما رأت كما أخبر أبو هريرة بما رأى، وذلك إخبار عن وقتين مختلفين. ووجه تأويل هذه الآثار -والله أعلم- أنه كان عليه السلام فى أكثر أحواله يتبسم، وكان أيضًا يضحك فى أحوال أخر ضحكا أعلى من التبسم، وأقل من الاستغراق الذى تبدو فيه اللهوات، هذا كان شأنه، وكان فى النادر عند إفراط تعجبه ربما ضحك حتى تبدو نواجذه، ويجرى على عادة البشر فى ذلك. (ابن بطال)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

122