رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ بالسِّرَارِ، ثُمَّ أنْتِ تَبْكِينَ! فَلَمَّا قَامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سَألْتُهَا: مَا قَالَ لَكِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: مَا كُنْتُ لأُفْشِي عَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم سِرَّهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: عَزَمْتُ[1] عَلَيْكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنَ الحَقِّ[2] لَمَا حَدَّثْتِنِي[3] مَا قَالَ لَكِ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالتْ: أمَّا الآن فَنَعَمْ! أمَّا حِيْنَ سَارَّنِي في المَرَّةِ الأُولَى فأخْبَرَنِي أنّ جِبْريلَ كَانَ يُعَارِضُهُ[4]القُرآنَ في كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ،[5]وَأنَّهُ عَارَضَهُ الآنَ مَرَّتَيْنِ، وَإنِّي لا أُرَى الأجَلَ إِلاَّ قَدِ اقْتَرَبَ، فَاتَّقِي اللهَ وَاصْبِرِي، فَإنَّهُ نِعْمَ السَّلَفُ أنَا لَكِ، فَبَكَيْتُ بُكَائِي الَّذِي رَأيْتِ، فَلَمَّا رَأى جَزَعِي سَارَّنِي الثَّانِيَةَ، فَقَالَ: يَا فَاطِمَةُ، أمَا تَرْضَيْنَ أنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤُمِنِينَ، أَوْ سَيِّدَةَ نِساءِ هذِهِ الأُمَّةِ؟ فَضَحِكتُ ضَحِكِي الَّذِي رَأيْتِ. متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ مسلم.[6]
وعن ثَابِتٍ عن أنس رضي الله عنه، قَالَ: أتَى عَلَيَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَأنَا ألْعَبُمَعَ الغِلْمَانِ، فَسَلمَ عَلَيْنَا، فَبَعَثَني في حاجَةٍ، فَأبْطَأتُ[7] عَلَى أُمِّي. فَلَمَّا جِئْتُ، قالت: مَا حَبَسَكَ؟
[2]أي من نسبة الأمومية الثانية أو الأخوة أو المحبة الصادقة والمودة السابقة فما موصولة. (مرقاة المفاتيح)
[3]يعني ما أطلب منك إلاّ إخبارك إياي بما سارك، ونحوه: أنشدك بالله ألا فعلت. (طيبي)
[4]أي يدارسه من المعارضة المقابلة ومنه عارضت الكتاب بالكتاب أي قابلته به والله أعلم. (مرقاة المفاتيح)
[5]هكذا وقع في هذه الرواية، وذكر المرتين شك من بعض الرواة والصواب حذفها كما في باقي الروايات. (نووي)
[6]إفادات:جواز مساررة الواحدة بحضرة الجماعة وليس ذلك من نهيه عن مناجاة الإثنين دون الواحد؛ لأنّ المعنى الذي يخاف من ترك الواحد لا يخاف من ترك الجماعة، وذلك أنّ الواحد إذا تساروا دونه وقع بنفسه أنهما يتكلمان فيه بالسوء ولا يتفق ذلك في الجماعة. (عمدة القاري) فيه جواز إفشاء السر إذا زال ما يترتب على إفشائه من المضرة؛ لأنّ الأصل في السر الكتمان. (ابن حجر)