وعن أَبي جعفر عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما، قَالَ: أردفني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ،[1] وَأسَرَّ إليَّ حَدِيثاً لا أُحَدِّثُ بِهِ أحَداً مِنَ النَّاسِ،[2] وَكَانَ أحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لِحاجَتِهِ هَدَفٌ[3] أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ.[4] يَعنِي: حَائِطَ نَخْلٍ.[5] رواه مسلم هكَذَا مُختصراً.
وزادَ فِيهِ البَرْقاني بإسناد مسلم بعد قَوْله: "حَائِشُ نَخْلٍ" فَدَخَلَ حَائِطاً لِرَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ، فَإذا فِيهِ جَمَلٌ، فَلَمَّا رَأى رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم جَرْجَرَ وذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَأتَاهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَمَسَحَ سَرَاتَهُ أيْ: سِنَامَهُ وَذِفْرَاهُ فَسَكَنَ، فَقَالَ: مَنْ رَبُّ هَذَا الجَمَلِ؟ لِمَنْ هَذَا الجَمَلُ؟ فَجَاءَ فَتَىً مِنَ الأنْصَارِ، فَقَالَ: هَذَا لِي يَا رسولَ الله. قَالَ: أفَلاَ تَتَّقِي اللهَ في هذِهِ البَهِيمَةِ الَّتي مَلَّكَكَ اللهُ إيَّاهَا فَإنَّهُ يَشْكُو إلَيَّ أنَّكَ تُجِيعُهُ وتُدْئِبُهُ. ورواه أَبُو داود كرواية البرقاني.
قَوْله: "ذِفْرَاهُ": هُوَ بكسر الذال المعجمة وإسكان الفاءِ، وَهُوَ لفظ مفرد مؤنث. قَالَ أهل اللغة: الذِّفْرى: الموضع الَّذِي يَعْرَقُ مِن البَعِيرِ خَلف الأُذُنِ، وَقوله: "تُدْئِبهُ" أيْ: تتعِبه.
وعن أنس رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا إِذَا نَزَلْنَا مَنْزِلاً لاَ نُسَبِّحُ حَتَّى نَحُلَّ الرِّحَال. رواه أَبُو داود بإسناد عَلَى شرط مسلم.
[1] تأكيد لمفهوم قوله أردفني، أو جرد الإرداف عن كونه خلف الراكب وأريد به مطلق الحمل معه على الدابة وهو بالنصب ظرف مكان. (دليل الفالحين)
[2] جملة النفي محتملة لكونها صفة حديث أي حديثاً شأنه ألاّ أبديه لأحد، ولكونها مستأنفة وأتى بها لئلا يطلب منه بيانه. (دليل الفالحين)
[3] بفتح الهاء والدال ما ارتفع من أرض أو بناء. (فيض القدير)
[4] بحاء مهملة وشين معجمة نخل مجتمع ملتف كأنه لالتفافه يحوش بعضه لبعض. (فيض القدير)
[5] إفادات: استحباب الاستتار عند قضاء الحاجة بحائط أو هدف أو وهدة أو نحو ذلك بحيث يغيب جميع شخص الإنسان عن أعين الناظرين وهذه سنة متأكدة. والله أعلم. (نووي)