عنوان الكتاب: الكافية مع شرحه الناجية

والأصل أن يلي الفعل فلذلك جاز ضرب غلامه زيد وامتنع ضرب غلامه زيدا وإذا انتفى الإعراب فيهما لفظا والقرينة

فإنه أسند إليه شبه الفعل مع تقديمه عليه على الجهة المذكورة, فهو مثال الفاعل المسند إليه شبه الفعل, ولما فرغ من تعريف الفاعل شرع في بيان الأصل فيه والتفريع عليه فقال (والأصل) وهو في اللغة: ما يبتني عليه شيء, وفي عرف أهل العلم: هو الحكم الكلي الذي يستخرج منه أحكام جزئيات موضوعه, وهو هاهنا بمعنى الأولى, وإنما آثر المصنف لفظ ½الأصل¼ على لفظ ½الأولى¼ مع أنه أوضح؛ للإيماء إلى أن قرب الفاعل من الفعل كأنه قاعدة لا يجوز هدمها, وإلى أنه ليس مجرد أولوية بل يبتني عليه بعض الأحكام كما بينه بقوله ½فلذلك جاز إلخ¼ (أن يلي) الفاعلُ (الفعلَ) أي: أن لا يتقدم عليه شيء آخر من معمولاته, فإن الفاعل من حيث هو فاعل يقتضي أن يقرب من الفعل, لكنه قد يزول ذلك الاقتضاءُ بعارض يقتضي بُعدَه منه كما سيجيء, ونظير ذلك ما يقال ½إن الماء بطبعه يقتضي البرودة¼ لكنه قد يزول ذلك الاقتضاء بعارض مسخن (فلذلك) الفاء للتفريع فتفيد ترتب العلم بالجواز في المثال الأول الآتي وترتب العلم بالامتناع في المثال الثاني الآتي على العلم بالأصل السابق, واللام للتعليل فتفيد أن كون الولي أصلا علة لجواز المثال الأول الآتي وامتناع المثال الثاني الآتي, و½ذلك¼ إشارة إلى الأصل المذكور (جاز) قولك (½ضرب غلامَه زيدٌ¼) مع أن ضمير ½غلامَه¼ راجع إلى ½زيدٌ¼ المتأخرِ لفظا؛ لأنه متقدم على الضمير رتبة بناء على الأصل المذكور فلا يلزم الإضمار قبل الذكر لفظا ورتبة بل لفظا فقط وهو جائز (وامتنع) قولك (½ضرب غلامُه زيدًا¼) لأن مرجع ضمير ½غلامه¼ أعني ½زيدًا¼  متأخر لفظا كما هو ظاهر ورتبةً بناء على الأصل المذكور فيلزم الإضمار قبل الذكر لفظا ورتبة وهو غير جائز في سعة الكلام وهذا عند الجُمهور, وقد جوزه الأخفش وابن جني, ولما فرغ من بيان أولوية قرب الفاعل من الفعل شرع في بيان ما يقتضي وجوبَ قُربه منه فقال (وإذا انتفى الإعراب) الذي يدل بالوضع على الفاعلية والمفعولية, وهو الحركات والحروف الإعرابية (فيهما) أي: في الفاعل والمفعول, وذِكرُ المفعول وإن لم يتقدم صريحاً لكنه تقدم في ضمن الأمثلة؛ فإن إحضار الفرد متضمن لإحضار جنسه خصوصًا إذا لم يكن الغرض متعلقاً بخصوص فرد كما في التمثيلات (لفظاً) تمييز من نسبة الانتفاء إلى الإعراب, أي: إذا انتفى لفظ الإعراب (والقرينةُ) عطف على قوله ½الإعراب¼, والمراد بها هاهنا ما يدل على الفاعلية والمفعولية لا بالوضع, فلا قرينةَ إعرابٌ ولا إعرابَ قرينةٌ, أي: إذا انتفى لفظ الإعراب والقرينةُ كلاهما نحو ½رأى موسى يحيى¼ و½ضربت صغرى كبرى¼, ثم القرينة قد تكون لفظية نحو ½ضربت


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

257