أنه إذا ذكر أحدهما ذكر الآخر بخلاف باب أعطيت ومنها جواز الإلغاء إذا توسطت أو تأخرت لاستقلال الجزئين كلاما ومنها أنها تعلق قبل الاستفهام والنفي واللام مثل علمت أ زيد عندك أم عمرو
(أنه إذا ذُكر أحدهما) أي: أحد المفعولين (ذُكر) المفعول (الآخر) غالباً, فإنه قد جاء الحذف على قلّة كما في قوله تعالى: ﴿وَلَا يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبۡخَلُونَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ هُوَ خَيۡرٗا لَّهُمۖ﴾ [آل عمران:١٨٠] أي: لا يحسبن هؤلاء بخلَهم هو خيراً لهم, وإنما قال ½إذا ذكر أحدهما ذكر الآخر¼؛ لأنه يجوز أن يحذف كلاهما, قال الله تعالى: ﴿وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ﴾ [الفتح:١٢] أي: ظننتم الباطلَ حقًّا ظنَّ السوءِ, ومِن أمثال العرب في ذمّ مخالطة الناس واستحباب الاجتناب عنهم ½مَنْ يَسْمَعْ يَخَلْ¼ أي: يَخَلْ مسموعَه صادقاً (بخلاف باب ½أعطيت¼) فإنه يجوز حذف أحد مفعوليه مع ذكر الآخر كـ½زيد يعطي الفقراء¼ و½هو يعطي الدنانير¼ (ومنها) أي: من خصائص أفعال القلوب (جواز الإلغاء) أي: جواز إبطال عملها لفظاً ومعنى (إذا توسّطت) أي: إذا وقعت هذه الأفعال بين الجزئين نحو ½زيد ظننت شاعر¼ (أو تأخّرت) عنهما نحو ½زيد شاعر ظننت¼, وإنما جاز الإلغاء (لاستقلال الجزئين) حال كونهما (كلاماً) تامًّا صادقاً على تقدير الإلغاء, وكذا يجوز الإلغاء عند البصريين إذا توسّطت بين الفعل ومرفوعه نحو ½قام أظنّ زيد¼, وبين اسم الفاعل ومعموله نحو ½أنت مكرِم أحسب زيداً¼, ثم هذه الأفعال على تقدير الإلغاء تكون بمعنى الظرف فمعنى ½زيد شاعر ظننت¼: ½زيد شاعر في ظنّي¼, وكذا البواقي (ومنها) أي: من خصائص أفعال القلوب (أنها تعلّق) أي: تهمل عن العمل لفظاً وجوباً وتعمل معنى إذا وقعت (قبل) معنى (الاستفهام) سواء كان في قالب الحرف أو في قالب الاسم (و) قبل (النفي و) قبل (اللام) أي: لام الابتداء, إذا دخل النفي واللام على معمولي أفعال القلوب (مثل ½علمت أ زيد عندك أم عمرو¼) مثال التعليق قبل الاستفهام, وكذا قوله تعالى ﴿ لِنَعۡلَمَ أَيُّ ٱلۡحِزۡبَيۡنِ أَحۡصَىٰ﴾ [الكهف:١٢] وقولك ½علمت غلام من أنت¼, ومثال النفي ½علمت ما زيد في الدار¼, ومثال اللام ½علمت لزيد عالم¼, ومعنى إعمالها معنى أنّ الجزئين يكونان منصوبين تقديراً فمعنى ½علمت لزيد عالم¼: ½علمت علم زيد¼, ولذلك جاز عطف الجملة منصوباً جزءاها على الجملة التعليقية نحو ½علمت لزيد عالم وبكراً شاعراً¼, والفرق بين الإلـغاء والتعليق أنّ الإلـغاء إبـطال العمل لـفظاً ومعنى, والتـعليق إبطال العمل لفظاً