مع أنهم لو رفعوا لفصلوا بينه وبين معموله بأجنبي وهو الكحل ولك أن تقول أحسن في عينه الكحل من عين زيد فإن قدمت ذكر العين قلت ما رأيت كعين زيد أحسن فيها الكحل مثل ولا أرى ÷ كوادي السباع حين يظلم واديا ÷ أقل به ركب أتوه تإية ÷ وأخوف إلا ما وقى الله ساريا ÷
دون حُسْنِه في عين زيد¼ فيكون ½أحسن¼ مع النفي بمعنى ½حَسُنَ¼ (مع أنهم) أي: النحاة, مفعول فيه لمتعلَّقٍ لِلامٍ في ½لأنه¼, كما أشرنا إليه قبل (لو رفعوا) ½أحسنَ¼ بالخبرية و½الكحلَ¼ بالابتداء (لفصلوا بينه) أي بين ½أحسن¼ (وبين معموله) وهو ½منه¼ (بأجنبي وهو الكحل)؛ إذ المبتدأ أجنبي من الخبر لأنه ليس من معمولاته, ولا يجوز التخلل بالأجنبي بينه وبين معموله, فدعت الضرورة إلى إعماله, بخلاف ما إذا عمل في الكحل بالفاعلية فإنه لم يبق أجنبياً حينئذ لكونه من معمولاته, ومن مسئلة الكحل قوله عليه الصلوة والسلام ½ما من أيام أحب إلي فيها الصوم منه في عشر ذي الحجة¼ (ولك أن تقول) في المثال المذكور بعبارة أخرى أخصر من الأولى مع كون مؤداهما واحداً, وهي أن تقول: ½ما رأيت رجلاً (أحسن في عينه الكحل من عين زيد¼) وهذه العبارة أخصر من الأولى بمقدار ضمير ½منه¼ وكلمةِ ½في¼, ونظير هذه العبارة ما جاء في حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: ½ولا أحد أحب إليه المدح من الله¼ (فإن قدّمتَ ذكرَ العين) على اسم التفضيل (قلتَ ½ما رأيت كعين زيد أحسن فيها الكحل¼) أصله ½ما رأيت عيناً أحسن فيها الكحل منه في عين زيد¼, فلما ذكر ½عين زيد¼ مقدماً على اسم التفضيل استغني عن ذكره ثانياً (مثلَ) منصوب على أنه صفة مصدر محذوف أي: قلت ½ما رأيت كعين زيد إلخ¼ قولاً مثلَ قولِ الشاعر: ÷ مررت على وادي السباع (وَلاَأَرٰى ÷ كَوَادِي السِبَاعِ حِيْنَ يَظْلِمُ وَادِياً ÷ أَقَلَّ بِهِ رَكْبٌ أَتَوْه تَإِيَّةً ÷ وَأَخْوَفَ إِلاَّ مَا وَقَى اللهُ سَارِياً÷) كان أصله: ولا أرى وادياً أقل به ركب منهم في وادي السباع, فقدم وادي السباع فاستغني عن ذكره ثانياً, ثم الركب اسم جماعة الركبان وهو خاص براكبي الإبل, وتَإِيَّةً كـ½تحية¼ بمعنى المكث, و½ما¼ مصدرية, وسارياً من السُرى بمعنى السير في الليل, وحاصل معنى الشعر أن توقّف الركب في وادي السباع أقل من توقفهم في سائر الأودية وأن وادي السباع أخوف من كل واد في جميع الأوقات إلاّ في وقت وقاية الله تعالى الساريَ في وادي السباع, ولما فرغ من بـحث القسم الأوّل من الأقسام الثلاثـة أعني الاسم شرع في بحث