وأصل المبتدأ التقديم ومن ثم جاز ½في داره زيد¼ وامتنع ½صاحبها في الدار¼ وقد يكون المبتدأ نكرة إذا تخصصت بوجه ما مثل ﴿ وَلَعَبۡدٞ مُّؤۡمِنٌ خَيۡرٞ مِّن مُّشۡرِكٖ﴾
عن العوامل اللفظية ليسند إلى شيء كما في الخبر والقسم الثاني من المبتدأ, أو ليسند إليه شيء كما في القسم الأول من المبتدأ, فمعنى الابتداء عامل في المبتدأ والخبر رافع لهما عند البصريين, ولما فرغ عن تعريفي المبتدأ والخبر شرع في بيان أحكامهما فقال (وأصل المبتدأ) أي: الأولى في المبتدأ (التقديم) أي: تقديمه على الخبر لفظاً؛ لأن مدلول المبتدأ ذات ومدلول الخبر حال غالبًا, والذات مقدمة على الحال, فالأولى تقديم ما هو دال على الذات على ما هو دال على الحال (ومِن ثَمَّ) لفظة ½من¼ للتعليل متعلقة بقوله الآتي ½جاز¼, وكلمة ½ثم¼ إشارة إلى الحكم السابق بطريق الاستعارة حيث شبه الحكم السابق وهو أن الأصل في المبتدأ التقديم بالمكان باعتبار استخراج شيء منه كما يستخرج الشيء من المكان وأشار إليه بما يشار به إلى المكان, أي: ومن أجل أن أصل المبتدأ التقديم (جاز) قولك (½في داره زيد¼) مع عود الضمير إلى ½زيد¼ المتأخر لفظًا؛ لأنه مقدم رتبة لأصالة التقديم في المبتدأ, فلا يلزم الإضمار قبل الذكر لفظًا ورتبة بل لفظًا فقط وهو جائز, وإنما لم يقل ½في داره رجل¼ لإمكان المناقشة في أصالة تقديمه لوجوب تأخيره, واعلم أنهم اختلفوا في جواز ½في داره قيام زيد¼ منعه بعضهم لأن ما أضيف إليه المبتدأ ليس له التقديم, وجوزه الأخفش؛ لأن المضاف إليه شديد الاتصال بالمبتدأ فله حكم المبتدأ, وقد جاء في كلام العرب تركيب ½في أكفانه درج الميت¼ (و) من ثم (امتنع) قولك (½صاحبها في الدار¼) لرجوع الضمير إلى ½الدار¼ المتأخرة لفظًا ورتبة, أما لفظًا فظاهر, وأما رتبة فلوقوعها في حيز الخبر وهو متأخر رتبة؛ لأنه لما كان الأصل في المبتدأ التقديم كان الأصل في الخبر التأخير فيلزم الإضمار قبل الذكر لفظاً ورتبة وهو غير جائز (وقد يكون المبتدأ نكرة) لفظة ½قد¼ للتحقيق مع التقليل, أي: قلما يكون المبتدأ نكرة, وفيه إشارة إلى أن الأصل في المبتدأ التعريف لكونه محكومًا عليه, والأمر المُهِمُّ الكثيرُ الوقوعِ أن يحكم على الأمر المعين (إذا) لمجرد الظرفية مفعول فيه لقوله ½يكون¼ (تخصصت) تلك النكرة, أي: إذا قل شيوع النكرة وحصل فيها نوع تعين (بوجه) أي: بطريق (مّا) اسم نكرة صفة لـ½وجه¼ لزيادة العموم, وقيل بدل منه, وقيل حرف زائد للتأكيد, أي: قد يكون المبتدأ نكرة في وقت قلة أفرادها وحصول نوع تعين فيها بأي طريق من طرق التخصيص؛ فإنها تقرب حينئذ من المعرفة, وهذه الطرق ستة أحدها التخصيص بالصفة سواء كانت ملفوظة (مثل) قوله تعالى ﴿وَلَعَبۡدٞ مُّؤۡمِنٌ خَيۡرٞ مِّن مُّشۡرِكٖ﴾