(تحذيرًا) أي: ذُكر ذلك المعمول لتخويفه (ممّا بعده) أي: ممّا بعد ذلك المعمول, وهو المحذَّر منه, وهذا القسم من التحذير أي: الذي ذُكر فيه المحذَّر والمحذَّر منه كلاهما إمّا اسم ظاهر أو مضمر, والظاهر لا يجيء إلاّ مضافًا إلى المخاطَب مثل ½رأسَك والسيفَ¼ و½عينَك والحجرَ¼, والمضمر لا يجيء في الأغلب إلاّ مخاطبًا مثل ½إيّاك والنميمةَ¼, وقد يجيء متكلِّمًا مثل ½إياي والشرّ¼, تقديره عند سيبويه ½لأحذّر نفسي من الشر¼ (أو ذُكر المحذَّر منه مكرّرًا) بدون ذكر المحذَّر, عطف على ½ذُكر¼ المحذوف, وهذا القسم من التحذير أي: الذي ذُكر فيه المحذَّر منه مكرّرًا بدون ذكر المحذَّر إمّا اسم ظاهر مضاف وغير مضاف, وإمّا مضمر متكلِّم ومخاطب وغائب, مثل ½الأسدَ الأسدَ¼ و½نفسَك نفسَك¼ و½إيّاك إيّاك¼ و½إيّاه إيّاه¼ و½إيّاي إيّاي¼ (مثل ½إيّاك والأسدَ¼ و½إيّاك وأن تحذف¼) مثالان لأوّل قسمي التحذير, وتقدير الأول في الأصل: ½بعّدك من الأسد¼ إلاّ أنّ ضميري الفاعل والمفعول إذا كانا لشيء واحد وجب إبدال الثاني بالنفس؛ لأنه من خواصّ أفعال القلوب, فصار ½بعّد نفسك من الأسد¼, فلما حذف الفعل وجوبًا لضيق المقام حُذف لفظ النفس لزوال ضرورة اجتماع ضميري الفاعل والمفعول, وأبدل الضمير المتصل بالمنفصل لعدم ما يتصل به, فصار ½إيّاك والأسد¼, وقس عليه الثاني, ومعنى الحذف الرمي بالعصا كما أن الخذف الرمي بالحصاة, قال سيّدنا عمر الفاروق رضي الله تعالى عنه: ½إياك أن تحذف الأرنب¼ أي: بعّد نفسك من ضرب الأرنب بالعصا لأنه يقتلها فلا يحل, وإنما جاء بالمثالين؛ إشارةً إلى أنّ المحذَّر منه فيه إمّا أن يكون مع ½أنْ¼ أو بغيرها, والثاني يجوز فيه الوجهان فقط كونه مع الواو وكونه مع ½مِنْ¼ مثل ½إيّاك والأسدَ¼ و½إياك من الأسد¼, والأوّل يجوز فيه الوجهان المذكوران مثل ½إياك وأن تحذف¼ و½إياك من أن تحذف¼ مع جواز الوجه الثالث وهو حذف الجار مثل ½إيّاك أن تحذف¼ (و½الطريقَ الطريقَ¼) مثال لثاني قسمي التحذير, وتقديره ½اتق الطريق الطريق¼, وكذا ½الصبيَّ الصبيَّ¼ و½الجدارَ الجدارَ¼ و½الأسدَ الأسدَ¼ (وتقول) أي: وجاز أن تقول في كلا المثالين لأوّل قسمي التحذير: (½إياك من الأسد¼ و) ½إياك (من أن تحذف¼) أي: بـ½من¼ الجارة مع المحذر منه كما جاز أن تقول ½إياك والأسد¼ و½إياك وأن تحذف¼ بالواو معه (و) جاز أن تقول في ثاني المثالين لأول القسمين (½إياك أن تحذف¼ بتقدير ½من¼) كما جاز أن تقول ½إياك من أن تحذف¼