عنوان الكتاب: عناية النحو على هداية النحو

الحمد لله([1])...........................................................

 



([1]) قوله: [الحمد لله] ابتدأ بعد التسمية بالحمد اقتداء بكتاب الله تعالى فإنّه مفتتح أوّلاً بالتسمية وثانياً بالتحميد، وتيمّناً بالقرآن؛ إذ ليس شئ يتيمّن به أفضل منه، وامتثالاً بالحديث وهو: ½كلّ أمر ذي بال لَم يبدأ بحمد فهو أقطع¼، وإجراء على طريقة السلف رحمهم الله تعالى حيث صدروا كتبهم أوّلاً بالتسمية وثانياً بالتحميد، واستبقاء لِما وهب له من آلائه؛ إذ الحمد رأس الشكر وبالشكر تزيد النعمة كما قال تعالى: ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم : 7]، وتحصيلاً للفضائل الّتي وردت في شأن الحمد، ثُمّ الحمد هو الوصف بالجميل الاختياري على جهة التعظيم والتبجيل باللسان وحده سواء تعلّق بالنعمة أو بغيرها، وضدّه الذمّ، والشكرعبارة عن معروف يقابل النعمة سواء كان باللسان أو بالجنان أو بالأركان، فمورِد الحمد لايكون إلاّ اللسان ومتعلّقه يكون النعمة وغيرها، ومورِد الشكر يكون اللسان وغيره ومتعلّقه لايكون إلاّ النعمة، فالحمد أعمّ من الشكر باعتبار المتعلّق وأخصّ باعتبار المورِد والشكر بالعكس، ولَمّا كان المراد بالجميل الاختياريُّ فلا يقال: حمدت اللؤلؤ واليواقيت على صفاءها؛ لعدم الاختيار بل: ½مدحت اللؤلؤ واليواقيت¼؛ لأنّ المدح أعمّ منهما، والثناء أعمّ من الكل، فإن قلت: تعريف الحمد غير صادق على حمده تعالى في مقابلة صفاته الذاتيّة؛ لأنّها ليست باختياريّة، قلنا: المراد بالجميل الاختياري ما يكون فاعله مستقلاًّ فيه، أو المراد بالاختياريّ المختاريّ أي: المنسوب إلى المختار ولو في غير هذا الجميل، أو إنّ الحمد الواقع في مقابلة صفاته الذاتيّة واقع في مقابلة أفعالها حقيقة، وأفعالها اختياريّة له تعالى، "د". وقال: المص: ½الحمد لله¼ ولَم يقل: ½الحمد للرحمن أو الرحيم¼؛ لأنّه اسم ذاتِيّ جامع لجميع أسمائه تعالى ذاتيّة كانت أو صفاتيّة؛ لأنه لولم يكن اسماً جامعاً لَم يكن قائل ½لا إله إلا الله محمد رسول الله¼ مؤمناً؛ لأنّ الإيمان كما وجب بالله تعالى كذلك وجب بجميع صفاته وأسمائه، فإن قلت: جاء حديث في الابتداء بالتسمية وآخر في الابتداء بالتحميد والابتداء لا يكون إلاّ بشئ واحد فكيف يمكن العمل بالحديثين، قلنا: الابتداء على نوعين:حقيقيّ وإضافِيّ، فالحقيقيّ هو الّذي يكون مقدّماً على المقصود وغير المقصود، والإضافِيّ هو الّذي يكون مقدّماً على المقصود ومتأخّراً عن غير المقصود فحديث التسمية محمول على الأوّل وحديث التحميد على الثاني، "ه".




إنتقل إلى

عدد الصفحات

279