عنوان الكتاب: عناية النحو على هداية النحو

زيد¼، واعلم([1])أنّ في جميع هذه الأقسام يجوز([2])إعمال الفعل الأوّل وإعمال الفعل الثاني خلافاً([3])للفرّاء في الصورة الأولى والثالثة أن يعمل الثاني، ودليله لزوم أحد الأمرين إمّا حذف الفاعل أو الإضمار قبل الذكر وكلاهما محظوران، وهذا([4])في الجواز وأمّا الاختيار ففيه خلاف



([1]) قوله: [واعلم] اعلم أنّ ½اعلم¼ في اللغة: ½دانستن¼، وفي الاصطلاح: كلمة في أوّل الكلام لإيقاظ الغافلين على نكتة، أو تشويق السامعين إلى ما بعده، أو للتنبيه على أنّ ما بعده مِمّا يجب الحفظ، وقيل: هو خطاب لكلّ من يسمع ويقرء، "ه".

([2]) قوله: [يجوز... إلخ] أي: يجوز أن يعمل الفعل الأوّل في الاسم الظاهر ويلغى الفعل الثانِي عن العمل فِي ذلك الاسم، وأن يعمل الفعل الثانِي في ذلك الاسم ويلغى الأوّل عن العمل فيه، ولا خلاف بين البصريين والكوفيين في جواز كلتا الصورتين "ي".

([3]) قوله: [خلافاً] منصوب على أنه مفعول مطلق، أي: يخالف القول بالجواز خلافاً للفرّاء في الصورة الأولى، وهي أن يتنازع الفعلان في الفاعليّة فقط، وفي الصورة الثالثة وهي أن يتنازع الفعلان في الفاعليّة والمفعوليّة ويقتضي الأوّل الفاعل والثانِي المفعول، فعند الفرّاء لا يجوز إعمال الفعل الثانِي في هاتين الصورتين بل يجب إعمال الفعل الأوّل فيهما عنده، ودليل الفرّاء على ذلك لزوم أحد الأمرين على تقدير إعمال الفعل الثانِي أمّا حذف فاعل الفعل الأوّل أو إضماره قبل الذكر، وكلاهما أي: حذف الفاعل والإضمار قبل الذكر محظوران أي: ممنوعان، "ي".

([4]) قوله: [وهذا] أي: الخلاف بين الجمهور والفرّاء ثابت في الجواز، أمّا الاختيار ففيه خلاف البصريين بفتح الباء وكسرها وهو أفصح من فتحها ليتميّز عن النسبة إلى الحجارة البيضاء، والمراد بالبصريين النحاة المنسوبة إلى البصرة ومن كان على مذهبهم، فإنّهم يختارون إعمال الفعل الثانِي مع تجويز إعمال الأوّل للقرب والجوار؛ لأنّ في القرب والجوار أشدّ اتّصال من الغير فالأشدّ اتّصالاً أحقّ بأخذ الحكم، ولأنّ الفعل الثانِي أقرب للطالبين بالمطلوب من الأوّل فيكون الطالب أقدر على أخذه، ولأنّ إعمال الفعل الأوّل يستلزم الفصل بين العامل والمعمول، والفصل بين العامل والمعمول بأجنبِيّ بلاضرورة غير جائز وخلاف الأصل؛ لأنّ الأصل في المعمول أن يتّصل بعامله، ولأنّ استفاضة الاستعمال على الفعل الثانِي في التنـزيل نحو قوله تعالى: ﴿هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ﴾[الحاقة : 19] حيث أعمل الفعل الثانِي؛ إذ لو أعمل الفعل الأوّل لقيل: ½اقرءوه¼ لاختيار إضمار المفعول في الفعل الثانِي، وقوله تعالى: ﴿أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً﴾[الكهف : 96] حيث أعمل الفعل الثانِي؛ إذ لو أعمل الفعل الأوّل لقيل: ½أفرغه¼ لِما مرّ، "غ".




إنتقل إلى

عدد الصفحات

279