بالإسناد، والإسناد نسبة إحدى الكلمتين([1])إلى الأخرى بحيث تفيد المخاطَب فائدةً تامّةً يصحّ السكوت عليها([2])نحو: ½زيد قائم¼ و½قام زيد¼، ويسمّى جملةً، فعلم أنّ الكلام لا يحصل إلاّ من اسمين نحو: ½زيد قائم¼ ويسمّى جملةً اسميّةً، أو من فعل واسم نحو: ½قام زيد¼ ويسمّى جملةً فعليّةً؛ إذ لا يوجد المسند والمسند إليه معاً في غيرهما ولا بدّ للكلام منهما، فإن قيل: قد نوقض([3])بالنداء نحو: ½يا زيد¼، قلنا:
([1]) قوله: [نسبة إحدى الكلمتين] سواء كانت نسبة الكلمة الثانية إلى الأولى كما في الجملة الاسميّة نحو: ½زيد قائم¼، أو نسبة الأولى إلى الثانية كما في الجملة الفعليّة نحو: ½قام زيد¼، "ه".
([2]) قوله: [يصحّ السكوت اهـ] أي: سكوت المتكلّم بحيث لا ينتظر المخاطَب للفظ آخر، أو يصحّ سكوت المخاطَب بحيث لا يحتاج إلى المتكلّم كلاماً ثانياً على تلك الفائدة، وقوله: ½نسبة إحدى الكلمتين إلى الأخرى¼ جنس، وقوله: ½بحيث تفيد المخاطب فائدة تامّة¼ فصل خرج به ما لا يكون مفيداً للمخاطب كنسبة الإضافة؛ لأنه لا بدّ في النسبة المفيدة من أربعة أمور: المحكوم عليه والمحكوم به والنسبة الحكمية والحكم، نحو: ½زيد قائم¼ فـ½زيد¼ محكموم عليه و½قائم¼ محكوم به ونسبة القيام إلى زيد نسبة حكميّة والربط هو الحكم، فهذه الأمور لا توجد إلاّ في الجملة اسميّة كانت أو فعليّة، "ه".
([3]) قوله: [قد نوقض] أي: نوقض ما ذكر من انحصار الكلام بأنه لا يحصل إلاّ باسم وفعل، بالنداء أي: بالمنادى، وكذا بالمندوب، فأجاب قائلاً: قلنا: حرف النداء قائم مقام ½أدعو¼ و½أطلب¼ وهُما الفعلان، أي: أصله ½أدعو زيداً¼، وكذا واو الندبة قائم مقام ½أتفجّع¼ فأصل ½وا زيداه¼: ½أتفجّع زيداً¼ فلا نقض؛ لأنّ الكلام حاصل من اسم وفعل لا من حرف وفعل، كما ذهب إليه المبَرِّد، فإن قلت: حرف النداء قائم مقام ½أدعو¼ فينبغي أن يتمّ الكلام بمجرّد ½يَا¼ دون ½زيد¼؛ لأنّ في ½أدعو¼ يحصل تركيب فعل واسم منويّ مستتر فيه وهو ½أنا¼، قلنا: الأمر كذلك، لكنّ ذكر زيد كذكر سائر المفاعيل نحو: ½ضربت زيداً¼. ثُمّ العقل يقتضي أن يكون الكلام ستّة أنواع ثلثة منها من جنس واحد أي: من اسم واسم، ومن فعل وفعل، ومن حرف وحرف، وثلثة منها من جنسين أي: من اسم وفعل، ومن اسم وحرف، ومن فعل وحرف، لكنّه لا يحصل إلاّ من القِسمين أي: من اسم واسم، ومن اسم وفعل لِما بيّن المص بقوله: ½إذ لا يوجد المسند والمسند إليه معاً إلاّ فيهما¼، "ه".