كان الخبر معرفة([1])أو أفعل من كذا، ويسمّى ½فصلاً¼([2])لأنه يفصل بين الخبر والصفة، نحو: ½زيد هو القائم¼ و½كان زيد هو أفضل من عمرو¼ وقال الله تعالى ﴿كُنتَ أَنتَ([3])الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ﴾[المائدة: 117].
فصل: أسماء الإشارة([4])ما وضع ليدلّ على مشار إليه، وهي خمسة ألفاظ لستّة معان([5])، وذلك ½ذا¼([6])للمذكّر و½ذان¼ و½ذين¼([7])لِمثنّاه،
([1]) قوله: [معرفة] إنّما شرط أن يكون الخبر معرفة؛ لأنّ الفصل إنّما يحتاج إليه إذا كان الخبر معرفة؛ إذ لو لَم يكن معرفة لَم يلتبس بالنعت فلا يحتاج إلَى الفصل، و½أفعل من كذا¼ ملحق بالمعرفة لامتناع دخول اللام فيه لقيام ½مِنْ¼ فيه مقام اللام، ولهذا لا يجوز الجمع بينهما فلا يقال: ½زيد الأفضل من عمرو¼. "ي".
([2]) قوله: [يسمّى فصلاً] أي: فارقاً بين كون الخبر خبراً أو نعتاً؛ لأنّ عند عدمه يحتمل أن يكون ½القائم¼ فِي ½زيد القائم¼ صفة لـ½زيد¼ أو خبراً له، وأمّا عند وجوده فلا يحتمل ذلك لامتناع الفصل بين النعت والمنعوت، وهو يسمّى ½فصلاً¼ عند البصريّين، و½عماداً¼ عند الكوفيّين لكونه حافظاً لِما بعده عن السقوط عن الخبريّة مثل عماد البيت، "غ".
([3]) قوله: [كنت أنت... إلخ] فإن قلت: الاحتياج إلَى الفصل إنّما يكون إذا اتّحد إعراب المبتدأ والخبر وكان المبتدأ ظاهراً لحصول اللبس، وأمّا إذا اختلف إعرابُهما فلا يحتاج إلَى الفصل لعدم اللبس نحو: ﴿كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ﴾[المائدة: ١١٧] و½إنّ زيداً هو القائم¼، ﴿إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورٌ الرَّحِيمٌ﴾[يوسف: ٩٨]، قلنا: لَمّا حصل اللبس فِي بعض الصور حمل صورة عدم اللبس عليه طرداً للباب. "سن" وغيره.
([4]) قوله: [أسماء الإشارة] الإشارة فِي اللغة: الرجوع والميل إلَى شئ سواء كان ذهناً أو خارجاً أو كان بالتلفّظ أو بتحريك العين أو بتحريك عضو آخر، وفِي الاصطلاح: ما دلّ عليه كلمات معيّنة وهي ½ذاَ¼ ونحوه، والمراد بالإشارة إشارة حسّية بالجوارح والأعضاء حقيقة نحو: ½هذا كتاب¼ أو حكماً نحو: ﴿ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ﴾[الأنعام: ١٠٢]؛ لأنّ ذلك محمول على التجوّز بتنـزيله منـزلة الْمحسوس المشاهَد؛ إذ ما من شئ إلاّ ويدلّ عليه تعالى، وإنّما بنيت أسماء الإشارة لكون وضع بعضها وضع الحروف نحو: ½ذا¼ ونحوه، وحمل البقيّة عليه، أو لاحتياجها إلَى ما تبيّن به من قرينة الإشارة فأشبهت بالحروف فِي الاحتياج. "و، مق" وغيرهما.
([5]) قوله: [لستّة معان] وذلك لأنّ المشار إليه لا يخلو إمّا أن يكون مذكّراً أو مؤنّثاً، وعلى كلا التقديرين لا يخلو من أن يكون مفرداً أو مثنّى أو مجموعاً، والمجموع مشترك بين المذكّر والمؤنّث فيحصل خمسة ألفاظ لستّة معان. "ي".
([6]) قوله: [ذاَ] قيل أصله: ½ذَوَوٌ¼ بالواوين فحذفت الثانية اعتباطاً أي: بغير علّة موجبة، وقلّبت الواو الأولى ألفاً لتحرّكها وانفتاح ما قبلها فصار: ½ذا¼، وقيل: أصله: ½ذَيَيٌ¼ بالياءين فحذفت الأخيرة اعتباطاً وقلّبت الأولى ألفاً لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، وقيل: أصله: ½ذَوَيٌ¼ بفتح العين فحذفت الياء وقلّبت الواو ألفاً، وقيل: اسم الإشارة الذال وحدها والألف زائدة، "غ".
([7]) قوله: [ذان وذين] فِي حالتَي الرفع والنصب والجرّ، واختلف النحاة فِي بنائه فذهب الأكثرون إلَى بنائه لقيام علّة البناء وهي المشابَهة بالحرف فِي الاحتياج، وقيل: معرب؛ لأنّ آخره يختلف باختلاف العوامل، والأصحّ الأوّل، وإنّما اختلافه صيغيّ وضعيّ غير مضاف إلَى العامل كاختلاف صِيَغ الضمائر مثل ½أنا¼ و½إيّاي¼ فيكون ½ذان¼ صيغة مرتجلة للمثنّى المرفوع غير مبنيّة على الواحد، و½ذين¼ صيغة مرتجلة للمثنّى المنصوب والْمجرور، وعن أبِي إسحق الزجّاج أنّ المثنّى مطلقاً مبنِيّ لتضمّنه معنى واو العطف؛ إذ أصل ½زيدان¼: ½زيد وزيد¼، ويجئ فِي بعض اللغات ½ذان¼ فِي جميع الأحوال الثلاث ومنه قوله تعالى: ﴿إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ﴾[طه: ٦٣] "غ" وغيره.