ثم القضايا الحملية المعتبرة باعتبار وجود موضوعها لها ثلاثة أقسام؛ لأنّ الحكم فيها إما على الموضوع الموجود في الخارج[1] محققاً نحو: "كل إنسان حيوان" بمعنى أنّ كل إنسان موجود في الخارج حيوان في الخارج، وإما على الموضوع الموجود في الخارج مقدّراً[2][3] نحو: "كل إنسان حيوان" بمعنى أنّ كل ما لو وجد في الخارج وكان إنساناً فهو على تقدير وجوده حيوان، وهذا الموجود المقدّر إنما اعتبروه في الأفراد الممكنة لا الممتنعة[4] كأفراد اللاشيء[5] وشريك الباري، وإما على الموضوع الموجود في الذهن كقولك: ½شريك الباري ممتنع¼ بمعنى
[1]قوله: [الموجود في الخارج محقّقا] أي: يكون موجودا بالفعل ويكون الحكم مقصورا عليه. (تذهيب)
[2]قوله: [مقدّرا] بأن لا يكون الحكم مقصورا على الأفراد الموجودة في الخارج محقّقة بل تكون متناولة لها ولغيره من الأفراد المقدرة الموجودة فيه. (تحفة)
[3]قوله: [مقدّرا] أي: مفروضا، فالحكم في كل من الخارجية والحقيقة على الموضوع الموجود في الخارج لكن في الأولى على التحقّق والثانيةِ على المقدور إنما سمّيت القضية على الأول "خارجية"؛ لأن الحكم فيها على الموضوع الموجود في الخارج، وعلى الثاني "حقيقة" لأن القضايا المستعملة في العلوم عند عدم القرينة حقيقة في الحكم على أفراد الموضوع الموجودة في الخارج سواء كانت محقّقة أو مقدرة. (تحفة)
[4]قوله: [لا الممتنعة] فإنه لو اعتبرت الأفراد المقدّرة الممتنعة لم يصدق كلية حقيقة لا موجبة؛ إذ يحتمل أن يكون الفرد المقدّر الإنسانَ غيرَ حيوان، فلا يصدق "كل إنسان حيوان" ولا سالبة؛ إذ يحتمل أن يكون الفرد المقدّر الإنسانَ حجرا، فلا يصدق "لا شيء من الإنسان بحجر". (تذهيب)
[5]قوله: [كأفراد اللاشيء وشريك الباري تعالى] فإنه لا مصداق لها ذهنا وخارجا؛ فإن كل ما كان في الذهن والخارج فهو شيء فيه فلا يصدق عليه اللاشيء، وكذا شريك الباري؛ لأنه محال، والمحال من حيث هو ليس له صورة في العقل فهو معدوم ذهنا كما هو خارجا. وإنما قلنا: إن المحال ليس له صورة في العقل أيضا؛ لأنه لو كان له صورة في الذهن لكان موجود وكل موجود في الذهن حقيقة موجود
في نفس الأمر، والمراد من القول بوجوده في الذهن اتصافُه بالوصف العنواني فيه على الفرض والتقدير كما يشير إليه قوله: "بمعنى أن كل ما لو وجد...إلخ" ولم يرد أن شريك الباري لا وجود له في الخارج لما مر آنفا. (تحفة)