بالنظر، والثالثة: أنّ النظر قد يقع فيه الخطأ، فهذه المقدمات الثلاث تفيد احتياج الناس[1] في التحرز عن الخطأ في الفكر إلى قانون وذلك هو المنطق، وعلم من هذا تعريف المنطق أيضاً، بأنه قانون يعصم مراعاتها[2] الذهن عن الخطأ في الفكر، فههنا[3] علم أمران من الأمور الثلاث التي وضعت المقدمة لبيانها، بقي الكلام في الأمر الثالث، وهو تحقيق أنّ موضوع علم المنطق ماذا؟ فأشار إليه بقوله: موضوعه...آه. قوله: [قانون] "القانون[4]" لفظ يوناني أو سرياني[5] موضوع في الأصل لمسطر الكتاب[6]،
[1]قوله: [الناس] الناس في الأصل أناس حذفت همزته تخفيفا وحذفها مع لام التعريف كاللازم لا يكاد يقال: الاناس ويشهد لأصله إنسان وإنس. وقيل: إنه جمع لا واحد له من لفظه، واشتقاقه من النوس وهو الحركة يقال: ناس ينوس نوسا إذا تحرك والنوس تذبذب الشيء في الهواء. قال في القاموس: الناس يكون من الجن والإنس والمراد به ههنا الإنس. (قم)
[2]قوله: [يعصم مراعاتها] وإنما قال: ½تعصم مراعتها¼ ولم يقل: ½نفسها¼ (بدل مراعاتها)، لأن المنطق ليس نفسه تعصم الذهن عن الخطأ وإلا لم يعرض للمنطقي خطأ وليس كذلك فإنه ربما يخطأ لإهمال الآلة. (قم)
[3]قوله: [ههنا علم أمران] دفع لما يتوهم من أن المقدمة كانت منعقدة في بيان الحاجة ورسم العلم وموضوعه، فالمصنف ترك الثاني ووجه الدفع: أنه آتٍ ببيان الأمور الثلاثة لكن الأول والثالث صراحة والثاني ضمنا، ولا مضايقة فيه لأنه أنسب بشأن المتن. (تحفة)
[4]قوله: [القانون] أطلق القانون عليه مع أنه قوانين متعددة تعبيرا عن الكل باسم الجزء، وفي ذلك اشارة إلى أن تلك القوانين لاشتراكها في جهة واحدة وهي الضبط كشيء واحد بمنزلة قانون. (تحفة)
[5]قوله: [سرياني] عن ابن عباس أنّ آدم عليه السلام كانَ لغته في الجنة العربيَّة فلما عَصى ربّه سَلبَه الله العربيةَ فتكلّم بالسرْيانية فلما تابَ الله عليه ردّ عليه العربية. (ابن عساكر)
[6]قوله: [لمِسطر الكتاب] المِسطر أو المسطرة كما هو اصطلاح اليوم، آلة هندسية معدة لتعديل سطور الكتابة وفي اصطلاحٍ قضيةٌ كلية تعرف منها أحكام جمة على عدد جزئيات موضوعِها، كقول النحاة: ½كل فاعل مرفوع¼، فإن الرفع حكم كلي لعمومية موضوعه يعلم منه أحكام جزئيات الفاعل مِن "قام زيد" و"قعد عمرو"و"مشى خالد" و"سعى بكر"، إلى ألوف غير ذلك. (منه)