[1]قوله: [والإضافة في عقائد الإسلام بيانية...إلخ] المصطلح المشهور فيما بين النحاة: أن الإضافة نسبة شيء إلى شيء بواسطة حرف الجر تقديرا، وبهذا المعنى عدّت في خواص الاسم. وهذه قسمان: لفظية ومعنوية، أي: مفيدة معنى في المضاف تعريفا إذا كان المضاف إليه معرفة، أو تخصيصا إذا كان نكرة، وتسمّى إضافة محضة أيضا. واعلم أن المشهور عند الجمهور أن الإضافة المعنوية تكون على معنى "اللام" بأكثرية وعلى معنى "في" بقلة. والضابطة: أن الشيئين اللذين يعتبر بينهما الإضافة لا بد أن يتحقق بينهما إحدى النسب الأربع إما التساوي أو التباين أو العموم المطلق أو العموم من وجه. فعلى الأول (أي: التساوي) يمتنع الإضافة بينهما إلا بتأويل يلحقه بالثلاثة الآخر. وعلى الثاني (أي: التباين) إما أن يكون بينهما نسبة وإضافة أم لا. وعلى الثاني (أي: بصورة "لا") يمتنع الإضافة أيضا (كما لا يجوز أن يقال: كلب الحمار) وعلى الأول إن كانت النسبة هي الظرفية بأن يكون المضاف إليه ظرفا للمضاف فالإضافة بمعنى"في" سواء كان ظرف زمان نحو: ½مكر الليل¼ و½تربص أربعة شهر¼ أو ظرف مكان نحو: ½يا صاحبى السجن¼ و½صلوة المسجد¼ وإلا بمعنى اللام سواء كان المضاف ظرفا للمضاف إليه كـ½مسجد الصلوة¼ و½منبر الوعظ¼ أو جزء منه كـ½يد زيد¼ أو كجزء كـ½كلام زيد¼ أو ملكا له كـ½ثوب زيد وعبده¼ أو كملك كـ½جُل الفرس¼ أو أن يتحقق بينهما القرابة كـ½أبي زيد وابنه وعمه وخاله¼ وغير ذلك مما لا نهاية له. وعلى الثالث (أي: العموم مطلق) إن كان المضاف إليه أعم والمضاف أخص كـ½أحد اليوم¼ مثلا فالإضافة ممتنعة إلا بتأويل، وإلا (بل عكسه) فهي بمعنى اللام كـ½يوم الأحد¼ و½علم الفقه¼ و½شجرالأراك¼ وعلى الرابع (أي: العموم من وجه) فإن كان المضاف إليه أصلا للمضاف فالإضافة بمعنى "مِن" وإلا فبمعنى اللام أيضا. فإذا تبين هذا فاعلم أن معنى الإسلام عند محقِّقي أهل السنة إعتقاد أي: تصديق بالجَنان فقط، كما صرّحه الشيخ عبدالحق محدث الدهلوى في كتابه "مدارج النبوة"، وعند جمهور أهل السنة تصديق بالجنان وإقرار باللسان، وعند المعتزلة مجموع التصديق بالجنان والإقرار باللسان والعمل بالأركان وعند الكُرّاميّة اقرار باللسان فقط. وعليك أن تعلم أنّ عقائد جمع عقيدة والعقيدة يقال: لـ"القضية المصدَّقة". وفي اللغة "ما عقد القلب واطمأنّ إليه"، وفي التعريفات للجرجاني: ما يقصد فيه نفس الاعتقاد دون العمل كالاعتقاد بأن الله قادر على كل شيء. والآن نطبّق هذا البحث على عبارة الشرح بأن الإضافة بين عقائد والإسلام معنوية لامية.
فمعنويةٌ لأن عقائد ليست صيغة الصفة المضافة إلى معمولها، ولاميةٌ لأن معاني الإسلام الاربعة توجد فيها إضافة لامية. في الصورة الأولى أن معنى الإسلام التصديقات بالجنان، و التصديق أعم من العقائد أعني: قضايا مصدقةً والقضايا المصدقة أخص. وأنت تعلم إذا المضاف أعم مطلقا والمضاف إليه أخص مطلقا توجد الإضافة اللامية. وفي الصورة الرابعة أن معنى الإسلام الإقرار باللسان فقط، والإقرار متعلِّق (بالكسر) والقضايا المصدقه متعلَّق(بالفتح). وأنت خبير بأن متعلِّق (بالكسر) ومتعلَّق (بالفتح) متبائنان. فتوجد ههنا أيضا الإضافة اللاميةُ. والصورة الثانية والثالثة مركبة من الثنائي أو الثلاثي وهذان المعنيان متبائنان عن القضايا المصدقة. فتوجد في الصورتين الإضافة اللامية. وقول الشارح "والإضافة في عقائد الإسلام بيانية إن كان الإسلام عبارة عن نفس الإعتقاد" مبني على التسامح لأنما قد ثبت في مقامه أن الإضافة البيانية توجد بين المضاف الأعم من وجه والمضاف إليه الأعم من وجه.