عنوان الكتاب: شرح التهذيب

التوفيق خير رفيق،......................................

وإما بـ"رفيق" ويكون تقديم معمول المضاف إليه على المضاف لكونه ظرفاً[1]، والظرف مما يتوسع فيه ما لا يتوسع في غيره، والأول[2] أقرب لفظاً والثاني معنىً[3]. قوله: [التوفيق] هو توجيه الأسباب نحو المطلوب الخير[4].


 



[1]قوله: [لكونه ظرفا...إلخ] جواب عما يقال: إن تعلقه بـ"رفيق" غير جائز لأنه يلزم تقديم معمول المضاف إليه على المضاف، وهو غير جائز. وحاصل الجواب: أن المنع أنما هو فيما لم يكن المعمول من الظروف أما إذا كان منها فلا يمنع لاتساعهم فيها ما لم يتّسع في غيرها. (قم بتغير)

[2]قوله: [و الأول أقرب لفظا] يعني: أن تعلّقه بـ"جعل" أقرب من حيث اللفظ من تعلّقه بـ"رفيق" و أبعد من حيث المعنى. ووجه القرب لفظا فلكونه سالما من شائبة تقديم معمول المضاف إليه على المضاف، فإنه وإن كان جائزا عند بعضهم في أمثال ما نحن فيه، لكنه خلاف الأصل. ووجه البعد معنىً؛ لأن الخير المطلق معتبر في مفهوم التوفيق عرفا وشرعا كما قال السيد الزاهد أو من لوازم ذات التوفيق كما ذهب إليه مولانا مرزا جان فإذا تعلّق بـ"جعل" يكون التوفيق مجعولا و"خير رفيق" مجعولا اليه، و½تخلل الجعل بين الشيء وذاتياته او لوازمه ممنوع¼. وقيل: إنه أبعد معنىً لأن اللام بعد الأفعال تعليلية غالبا، فيتوهم كون العباد علة لأفعاله تعالى وبطلانه أظهر من أن يخفى. وقد يُعلّل: بأنه يكون المعنى حينئذ أنه تعالى جعل لانتفاعنا التوفيق خير رفيق ولا يعلم منه أن مرافقة التوفيق لهم أو لغيرهم. إذ يجوز أن يجعل التوفيق رفيقا لغيرهم من الأصدقاء والأحبّاء ويكونون منتفعين بذلك كما هو ظاهر. والمقصود إنما هو الأول إذ المقام مقام الحمد وترتب الحمد على وصول النعماء من المحمود الى الحامد خاصة أقوى من وصولها إليه وإلى غيره عموما، وذلك لا يحصل إلا على هذا التقدير إذ على تقدير تعلقه بـ"جعل" لا يفيد الحصر ويحتمل مرافقة التوفيق لغيرنا وهو غير مقصود. (تحفة وغيره)

[3]قوله: [والثاني معنىً] أي: الثاني أقرب معنىً وأبعد لفظا، أما الأول فلأنه لا يلزم حينئذ المحذوران المذكوران في ماسبق، لأن "الخير المطلق" ذاتي أو لازم للتوفيق لا الخير المقيد بـ"لنا" فلا يلزم ½تخلل الجعل بين الشيء وذاتياته او لوازمه ممنوع¼. وأما الثاني فاللفظ لا يساعده؛ لامتناع تقديم ما في حيز المضاف إليه على المضاف، ولأن المعمول لا يقع إلا حيث يصحّ وقوع العامل. (تحفة)

[4]قوله: [هو توجيه الاسباب...إلخ] في تحقيق معنى التوفيق أقوال كثيرة فقال أكثر المحقّقين من المتكلمين:

          ½هو خلق القدرة على الطاعة¼ وقول بعضهم: ½هو خلق نفس الطاعة¼ وقد يقال: ½إنه تسهيل طريق الخير وتسديد طريق الشر"، وقيل: ½هو الوقوع من الاستعداد¼ و عند بعضهم: "عبارة عن جعل التدبير موافقا للتقدير" ثم اعلم أن تقييد المطلوب بالخير ليس داخلا في المعنى اللغوي هو أعم من الخير والشر، لكنه خصّ استعماله في الشرع و العرف بالمطلوب الخير فيقال: "توفيق الصلوة" لأنه توفيق الخير، لا يقال: "توفيق السرقة". (تحفة)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

304