وكان القدماء يذكرون في صدر الكتاب ما يسمونه الرؤوس الثمانية الأول الغرض لئلا يكون طلبه عبثا، الثاني المنفعة أي ما يتشوقه الكل طبعا لينبسط في الطلب ويتحمل المشقة،.......................................
قوله: [يذكرون] أي في صدر كتبهم على أنها من المقدمات أو من المباديء بالمعنى الأعم. قوله: [الغرض] اعلم[1] أنّ ما يترتب على الفعل إن كان باعثا للفاعل على صدور ذلك الفعل منه يسمى غرضاً وعلةً غائيةً وإلاّ يسمّى فائدةً ومنفعةً وغايةً، وقالوا[2]: ½أفعال الله تعالى لا يعلّل بالأغراض وإن اشتملت على غايات ومنافع لا تُحصى¼، فكأنّ مقصود المصنّف أنّ القدماء كانوا يذكرون في صدر كتبهم ما كان سببا حاملاً على تدوين المدوِّن الأول[3] لهذا العلم ثم
[1]قوله: [اعلم أن ما يترتب على فعل...إلخ] الغرض من هذا الكلام دفع ما ربما يتوهم في هذا المقام: من أن الغرض والمنفعة متحدان بالذات، متغايران بالاعتبار فلا يصحّ جعل أحدهما مقابلا للآخر كما فعله المصنف. وحاصل الجواب: إثبات التغاير بينهما بحسب الذات في الجملة أيضا فإن الغرض هو الترتب الباعث للفاعل على صدور الفعل عنه والمنفعة هو المترتب الحاصل عند حصول الفعل مطلقا سواء كان باعثا للفاعل أم لا. (قم)
[2]قوله: [وقالوا] بناءً على الفرق بين الغرض والغاية والمنفعة والفائدة بأن أفعال الله تعالى....إلخ. (تحفة)
[3]قوله: [سببا حاملا على تدوين المدوِّن الأول...إلخ] فإن قلتَ: لم خصص البيان بالمدوّن الأول وهلّا يذكرون السبب على تدوين كل مَن دوَّن ديوانا؟ قلتُ: لا بل جرت عادتهم على أن يذكروا السبب الباعث على تدوين المدون الأول بخصوصه بناء على أن السبب الحامل على التدوين لكل مَن دوّن ديوانا إنما هو هذا أيضا؛ فإن المنطقي مثلا من حيث هو منطقي، ينبغي أن يكون غرضه العصمة عن الخطاء في الفكر والنحوي من حيث هو نحوي ينبغي أن يكون غرضه حفظ اللسان عن الخطاء في المقال وعلى هذا القياس، وهكذا كل من أراد تعليم علم من علوم ينبغي أن يكون غرضه أيضا هو الغرض الباعث للمدون الأول على التدوين كما لا يخفى فلا تنافي بين ما ذكره الشارح وبين تعليل المصنف لذكر الغرض والمنفعة. فافهم. (تحفة)