والثالث السِّمَة وهي عنوان العلم ليكون عنده إجمال ما يفصله، والرابع المؤلف ليسكن قلب المتعلم،...................................
يعقبونه بما يشتمل عليه من منفعة ومصلحة يميل إليها عموم الطبائع إن كانت لهذا العلم منفعة ومصلحة سِوى الغرض الباعث للواضع الأول، وقد عرفت في صدر الكتاب أنّ الغرض من علم المنطق هي العصمة. فتذكر. قوله: [والثالث السِّمَة] "السِّمَة[1]" العلامة، وكأنّ المقصود ههنا الإشارة إلى وجه تسمية العلم كما يقال: إنما سمي المنطق منطقاً؛ لأنّ المنطق يطلق على النطق الظاهري وهو التكلم والباطني وهو إدراك الكليات، وهذا العلم يقوي الأول ويسلك بالثاني مسلك السداد فاشتق له اسم من المنطق، فـ"المنطق" إما مصدر ميمي بمعنى النطق أطلق على العلم المذكور مبالغة في مدخليته في تكميل النطق حتى كأنه هو، وإما اسم مكان، كأنّ هذا العلم محل النطق ومظهره، وفي ذكر وجه التسمية إشارة إجمالية إلى ما يفصله العلم من المقاصد. قوله: [والرابع المؤلف] أي معرفة حاله إجمالاً ليسكن حال المتعلم على ما هو الشأن في مبادي الحال من معرفة حال الأقوال بمراتب الرجال، وأما المحقّقون[2] فيعرفون الرجال بالحقّ
[1]قوله: [السمة] السمة والوسم في الأصل هو العلامة الموضوعة في الدوّاب بالكى تعرف بذلك ثم استعمل في مطلق العلامة وإن كان بغير الكي وفي غير الدواب، وكان المقصود منه تعريف العلم برسمه وبيان خاصة من خواصه. (تحفة، قم)
[2]قوله: [وأما المحققون...إلخ] الحاصل أن المحققين يعرفون الرجال بالحق، فإن كان المقول قولا صادقا صحيحا يعلمون أن لقائله مرتبة عظيمة في هذا العلم، وإن كان الكلام مزخرفا باطلا يعلمون أن قائله رجل بطال وإن كان مشتهرا بعلو الشأن وسمو المكان. وأما الجهال المتعلمون فيعرفون الحق بالرجال، فإن كان القائل مشتهرا بالصدق والعلم يؤمنون أن قوله حق ولو باطلا في الواقع وإن كان باطلا مشهورا
بالكذب يذعنون ببطلان القول وإن كان حقا في نفس الأمر، وإليه أشار المحقق الدواني بعد نقل كلام الشيخ في حاشيته على المتن حيث قال: ½وإنما اتبعنا إثر الشيخ تنزلا إلى مدارك الجهال العارفين للحق بالرجال وأما المتعرفون عن حضيض النقص إلى ذروة الكمال فينجلون بنور البصيرة جلية الحال ولا يلتفتون إلى ما قيل أو يقال. (تحفة)