عنوان الكتاب: شرح التهذيب

إن كان إذعاناً للنسبة فتصديق...........................

قوله: [إن كان[1] إذعانا للنسبة] أي اعتقاداً للنسبة[2] الخبرية الثبوتية كالإذعان بـ"أنّ زيداً قائم"، أو السلبية كالاعتقاد بـ"أنه ليس بقائم"، فقد اختار[3] مذهب الحكماء حيث جعل التصديق نفس الإذعان والحكم دون المجموع المركب منه ومن تصور الطرفين[4]، كما زعمه الإمام الرازي[5]، واختار مذهب القدماء حيث جعل متعلق الإذعان والحكم الذي هو جزء أخير للقضية


 



[1]قوله: [إن كان...إلخ] إنما اختار المصنف هذه العبارة في تقسيم العلم دون ما اختاره الآخرون من "أن العلم إن كان إدراكا فأن النسبة واقعة أو ليست بواقعة فتصديق و إلا فتصور"، لأنها أوجز وأخصر ولأنها لا يرد عليها الإيرادات التي ترد على عباراتهم على ما فصلت في المطولات. ثم إنما قدّم المصنف التصديق على التصور مع أن التصور مقدم عليه بالطبع، لأنه إما أن يكون جزء له كما زعمه الإمام أو شرطا كما ذهب إليه الحكماء والكل مقدم بالطبع على ما نسب إليه كما هو ظاهر وسيأتي، تنبيها على أن النظر ههنا إلى المفهوم ومفهوم التصديق لكونه وجوديا أشرف من مفهوم التصور العدمي فهو وإن كان مقدّما عليه بالطبع لكنه مؤخر عنه من حيث الشرف.  (تذهيب، قم)

[2]قوله: [إعتقادا للنسبة] اعلم أن اعتقاد النسبة إما بحيث يبقي احتمال الغير، فالغالب ظن والمغلوب وهم، وشك إن تساويا. وإما لم يبق احتمال الغير فجزم، فجهل مركب إن لم يطابق الواقع، وإن طابقه فتقليد إن زال بتشكيك المشكِّك، وإن لم يزل فيقين. فالوهم والشك من التصورات والبواقي من التصديقات. (تحفة)

[3]قوله: [فقد اختار] يعني: لمّا جعل التصديق نفس الإذعان فقد اختار مذهب الحكماء من القدماء. وقال السيد السند الشريف الجرجاني في حواشيه على شرح الشمسية هذا هو الحق. (تحفة)

[4]قوله: [من تصور الطرفين] وفيه نظر، فإن التصديق عند الإمام مركب من التصورات الثلاثة والحكمِ، فلا بد من ذكر النسبة كما لا يخفى إلا أن يقال: أنه ترك اعتمادا على القريحة السليمة، أو أن المراد من الطرفين حال كون النسبة رابطة بينهما. (تحفة)

[5]قوله: [كما زعمه الإمام الرازي] أشار بقوله: ½زعم¼ إلى ضعف مذهب الإمام ووجهُه على ما قاله السيد السند الشريف أن كلا من التصور والتصديق ممتاز عن الآخر بطريق خاص ليحصل به، فلا بد في تقسيم العلم من ملاحظة ذلك الامتياز، وتلك الملاحظة مرئية على طور تقسيمهم دون تقسيمه.

واعلم أيضا الفرق بين المذهبين: أنه على الأول بسيط مشروط في تحقّقه أمور ثلاث وعلى الثاني مركب، وما اصطلح عليه الحكماء راجح لأنه موافق لما هو غرضهم من تقسيم العلم إلى هذين القسمين، لأنهم إنما قسموا العلم إلى هذين القسمين ليمتاز كل منهما بطريق من طرق الاكتساب؛ إذ كان بيانها على الوجه الجزئي متعذرا لكثرتها وعدم الانضباطها لكن لمّا كانت مع تلك الكثرة راجعة إلى نوعين فأرادوا بيانها على الوجه الكلي فاحتجوا إلى حصرها في قسمين يختصّ كل منهما بنوع طريق من ذينك النوعين ليلزم حصر الطرق في النوعين فيسر لهم بيانها على الوجه الكلي المضبوط وهذا إنما يستقيم على مذهب الحكماء حيث جعلوا التصديق هو الحكم المنفرد بطريق خاص يتحصل به عن الحجة وما عداه تصور اكتسب من القول الشارح، فحصل الغرض المقصود. أما على مذهب الإمام فلا، إذ ليس للمجموع المركب من التصورات الثلاث المكتسبة من القول الشارح والحكم المكتسب من الحجة طريق خاص يستحصل به حتى يحصل به الامتياز هذا. (تحفة، قم)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

304