عند العقل[1]، والمصنف لم يتعرض لتعريفه[2] إما للاكتفاء بالتصور بوجه ما في مقام التقسيم، وإما لأنّ تعريف العلم مشهور مستفيض، وإما لأنّ العلم بديهي التصور على ما قيل[3].................................................
[1]قوله: [عند العقل] عند العقلاء يطلق لفظ "العقل" على ثلاثة معان: العقل مرادف للنفس الناطقة هو جوهر مجرّد في ذاته وغير مجرد في فعله، والعقل الذي هو مرادف المَلَك جوهر مجرّد في ذاته وفعله كليهما، وقد يطلق على القوة المدرِكة. فإن قيل: على كل حال يخرج علم الواجب المتعال لعدم إطلاق العقل عليه تعالى، قلنا: المراد بالعقل ههنا هو المَلَك أو المجرد، وقيل: المقصود ههنا تعريف العلم الذي يتعلّق به الاكتساب -أي: ما يكون كاسبا أو مكتسبا- وعلمه تعالى منزّه عن ذلك ولا بأس بخروجه لعدم دخوله في المعرَّف. فإن قيل: قواعدهم عامة وهذا التخصيص ينافي تعميم القواعد. قلنا: تعميم القواعد إنما هو بحسب الحاجة والأغراض المطلوبة من الفن لا مطلقا، فهذا التخصيص لا ينافي المقصود لكن ينافي مطلق التعميم وهو غير مقصود فلا ضير. (تحفة بتغير)
[2]قوله: [والمنصف لم يتعرض بتعريفه] لمّا ترك المصنف ما هو المناسب من تعريف العلم قبل التقسيم، ضرورة أن التقسيم حكم من أحكامه، وهي لا يتحقّق إلا بعد تحقّق الشيء كما هو ظاهر. اعتذر المحشي عنه بثلاثة وجوه: الأول: أنه يكفي التصور بوجهٍ مَّا في مقام التقسيم، يعني: أنه يتبادر منه عند الإطلاق أنه ما يطلق عليه في اصطلاحهم العلم وهذا القدر من التصور يكفي في مقام التقسيم كما هو ظاهر، وذلك كما أن النحويين قسّموا المستثنى إلى المتصل وإلى المنفصل من غير أن يعرّفوه أولا اعتمادا على ذلك. الثاني: أنه لما كان تعريف العلم مشهورا مستفيضا اكتفى به عن ذكر تعريفه للاختصار. الثالث: أن العلم بديهي التصور كما نقل عن الإمام الرازي ويُعَرّف الذي هو نظري، فتعريف العلم ليس بضروري. (قم بتغير)
[3]قوله: [على ما قيل] القائل الإمام الرازي كما مرَّ، ودليله أن العلم ضروري؛ لأنه يعلم كل واحد بوجوده وهذا علم خاص مسبوق بالعلم المطلق والسابق على الضروري ضروري. والشارح نقل هذا القول بصيغة التمريض؛ فوجه الضعف أن كون العلم بديهيا لا يستلزم أن لا ينبه عليه في مقام التقسيم، فإن البديهي أيضا قد يكون خفيا، فلا بد لإزالة الخفاء وتعيين المقسم من التنبيه عليه. (تحفة بتغير)